للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية استغلال ليالي رمضان بالعبادة]

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين, وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فهذه الليلة هي ليلة الأحد الثالث من شهر رمضان عام (١٤١٧هـ) وهذا اللقاء فيها تكميل للقاء السابق، حيث إنه كان هناك أسئلة كثيرة لم نتمكن من الإجابة عليها، ولكن لا مانع أن نتكلم بما تيسر حتى يتسنى عرض هذه الأسئلة إن شاء الله تعالى.

في هذا العام (١٤١٧هـ) يؤدي المسلمون ولا سيما في هذه الجزيرة العربية شهر رمضان في جو معتدل، يشبه جو الربيع، على أن الناس في هذه الأيام في أشد ما يكون برداً من أيام الشتاء، وهذا لا شك من نعمة الله، اللهم لك الحمد، نسأل الله أن يتمم بالقبول، كما أن فيه دليلاً على أن الأمر أمر الله عز وجل، وأنه تعالى هو الذي يرجع إليه الأمر كله، وأن العادات قد يخلفها رب الأرض والسماوات، قد يكون زمن البرد معتدلاً، وقد يأتي في أيام الحر -أيضاً- اعتدال ليس حراً؛ لأن الأمر أمر الله عز وجل يفعل ما يشاء.

هذا الجو الذي نعيشه هذه الأيام جو معتدل كما قلنا، فيه طول الليل وقصر النهار، ويخف الصوم على المسلمين ويكثر الخير في الليالي للموفقين؛ لذلك نقول: اغتنم يا أخي هذه الأوقات الثمينة، نم في الليل ما تيسر، وتعبد لله بما تيسر، واجعل النهار نهار عمل صالح لا نهار نوم كما يفعله بعض الناس المفرّطون المفرطون: مفرّطون في تفويت الأعمال الصالحة، حيث تجدهم يسهرون الليل كله وينامون النهار كله، إلا أنهم يقومون بما أوجب الله عليهم من الصلوات وغيرها، لكنهم محرومون؛ لأن سهرهم الليل كله ليس للتهجد أو قراءة القرآن، حيث إن أكثر الذين يسهرون إنما هو لإمضاء الوقت وقتله بلا فائدة، بل منهم من يقتل الوقت بالمضرة عليه: على دينه، وخلقه، وأهله، وهذا حرمان عظيم.

ففي هذا الجو المناسب ينبغي لك أن تنام في الليل، وأنت إذا قمت مع الإمام حتى ينصرف كتب الله لك قيام ليلة كاملة ولو كنت في منامك، اللهم لك الحمد، ولهذا لما قال الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام: (لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه -يعني: لو تركتنا حتى نقوم إلى الصباح- قال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) ولم يقل: صلوا في بيوتكم، إشارةً إلى أن الإنسان ينبغي أن ييسر على نفسه، ما دام الله تعالى قد كتب لك قيام ليلة إذا قمت مع الإمام حتى ينصرف فخفف على نفسك.