للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المراد بالحافظ على كل نفس]

قال تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق:٤] أي: ما كل نفس إلا عليها حافظ، فكل نفس عليها حافظ من الله، قال الله عز وجل: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد:١١] وقال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام:٦١] قال العلماء: انظر إلى فضل الله، انظر إلى نعم الله يحفظ الإنسان حياً وميتاً {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} [الأنعام:٦١] في الحياة، وبعد الممات تقبضه الرسل (الملائكة الكرام) وهم لا يفرطون في هذه النفس التي توفوها، بل يحفظونها أتم حفظ، فالإنسان محفوظ حياً وميتاً: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق:٤] .

ومن الحفظة: الكرام الكاتبون، كما في سورة الانفطار: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ} [الانفطار:١٠-١١] هؤلاء الحفظة الكاتبون يحفظون كل ما يصدر من الإنسان من قول أو فعل، قال الله تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق:١٧] يعني: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨] كل قول ما تلفظه إلا عندك رقيب عتيد، مراقب حاضر، الرقيب: هو المراقب، والعتيد: هو الحاضر الملازم.

كم تكلمت من كلمات؟ لا تحصى، الإنسان لا يحصي ما تكلم به، كل كلمة فإنها مكتوبة، ومتى نطلع على ما كتب؟ قال الله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:١٣-١٤] يطلع عليه الإنسان يوم القيامة تاماً، أي قول كان.