فضيلة الشيخ! في طواف الوداع في الحج الماضي طفت في السطح وكان طوافي من ناحية المسعى على الجدار الذي بين المسعى والمطاف وفي أحد الأشواط طفت مع المسعى وكذلك سألني أحد الحجاج: هل يجوز الطواف مع المسعى؟ فأجبته أنه يجوز، فهل فعلي هذا صحيح أم لا؟ وإن كان غير صحيح فما يلزمني أنا وكذلك الرجل الذي أجبته علماً بأني لا أعرفه؟ جزاك الله خيراً.
الجواب
أما الطواف على سطح المسعى لا يجوز؛ لأن المسعى خارج المسجد الحرام، ولذلك لو أن امرأة طافت للعمرة ثم حاضت قبل السعي جاز لها أن تسعى؛ لأن السعي لا يشترط له الطهارة والمسعى ليس مسجداً حتى نقول: لا تمكث فيه، وكذلك لو أن امرأة جاءت مع أهلها وعليها الحيض وجلست في المسعى تنتظرهم وهي حائض فلا بأس، وكذلك البيع والشراء في المسعى يجوز؛ لأنه ليس مسجداً، وكذلك الجنب يمكث فيه بدون وضوء لأنه ليس مسجداً، وكذلك المعتكف في المسجد الحرام لا يخرج إلى المسعى؛ لأن المسعى خارج المسجد، فلا يجوز الطواف خارج المسجد؛ لأن الله تعالى قال:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج:٢٩] ومن طاف خارج المسجد هل يقال: طاف بالبيت أو طاف بالمسجد؟ طاف بالمسجد، لكن نرى نظراً للأزمنة المتأخرة هذه وكثرة الحجاج والزحام الشديد نرى أنه إذا طاف في سطح المسجد وامتلأ المضيق الذي في جانب المسعى ولم يجد بُدَّاً من النزول إلى المسعى أو الطواف فوق الجدار نرى إن شاء الله تعالى أنه لا بأس به، لكن يجب أن ينتهز الفرصة من حين ما يجد فرجة يدخل في المسجد.
أما إفتاء هذا للرجل من غير علم فهو حرام عليه؛ لقول الله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[الأعراف:٣٣] وليعلم المفتون أن من أفتى أحداً بغير علم فترك واجباً فإثمه على الذي أفتاه وإن فعل محرماً فإثمه على الذي أفتاه، الفتوى ليست سلعاً تباع وتشترى ويجلب لها الزبائن، الفتوى أمرها خطير؛ لأن المفتي سفيرٌ بين الله وبين خلقه في إبلاغ شرعه، فهو أمرٌ عظيم جداً (أجرأ الناس على الفتيا أجرؤهم على النار) والعياذ بالله، فعلى كل واحد أن يتقي ربه، وألا يستعجل الأمر إن قدر الله تعالى أن يكون أمة يهدي الله به الناس فسوف يكون، فليصبر حتى ينضج، الإنسان إذا أكل العنب وهو حصرم قبل أن ينضج ماذا يكون؟ يضره، نقول: تأنى حتى تصل إلى الغاية التي تؤهلك للفتوى، أما أن تعرف مسألة من العلم وتظن أنك عرفت جميع المسائل، أو تحكم برأيك هذا لا يجوز.