[أسباب التخيلات الشيطانية التي يقع فيها الناس]
هذه التخيلات التي تقع لكثير من الناس سببها والله أعلم: أن كثيراً من الناس أعرض عن الأوراد الشرعية التي تحمي الإنسان من الشياطين مثل: آية الكرسي، فآية الكرسي إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح، ولهذا ينبغي لنا أن نعلمها أطفالنا البنين والبنات، نحفظهم إياها ونقرؤهم إياها كلما حل الليل بظلامه ليكون ذلك حارساً لهم.
أنت لو استأجرت شخصاً يحرس أولادك في ليلة واحدة وأعطيته ألف ريال لسهل عليك، لكن حراسة الرب عز وجل لأولادك إذا قرءوا هذه الآية أعظم وأعظم: (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) .
السبب الثاني: الفراغ، والفراغ قتال، وما أكثر الفراغ عندنا! الفراغ في شبابنا وفي فتياتنا وفي كبارنا، فراغ قاتل، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) والإنسان إذا فرغ ولم يكن عنده عمل يحرك به جسمه، ويحرك به عقله، ويحرك به فكره توالت عليه الهموم، وجرب تجد، اشتغل في علم، في مال، في صنعة، فلن ترى هذه الوساوس، اترك الشغل تتوال عليك وتتوارد عليك الوساوس.
ومن الأسباب: ضعف التوكل على الله عز وجل، التوكل على الله عند كثير من الناس ضعيف، لا يعتمدون إلا على الأسباب المادية وينسون الرب عز وجل، ينسون الذي يقول للشيء كن فيكون، ويعتمدون على الأمور المادية.
الإنسان لو أصابه زكام -والزكام من أخف ما يكون من الأمراض- هل يوطن نفسه ويصبر ويعلق قلبه بالله وينتظر الفرج من الله والعافية من الله، ويقول: هذه الأذية التي حصلت لي هي أجر وتكفير سيئات، أم من حين أن يصاب يذهب إلى المستشفى؟ غالب الناس يفعلون الثاني، ولذلك لما ضعف التوكل عندهم صاروا يعتمدون على الأسباب المادية البحتة، لكن لو اعتمدوا على الله وقالوا: الجن أذل من أن يكونوا مسلطين على الإنس إلا أن الإنس إذا فرطوا في التحصن غلبتهم الجن، لكن إذا قاموا بالتحصن على الوجه المطلوب حماهم الله عز وجل.
ومن الأسباب أيضاً: أن الله عز وجل يري عباده أن هذه الدنيا ليست دار ترف ونعيم لا يمس الإنسان فيها نصب، بل لا بد من كدر لا بد من تنغيص، لا يمكن للدنيا أن تكون صفواً للإنسان من كل وجه؛ حتى أغنى الناس وأقواهم سلطة وأكثرهم جنوداً لا بد أن تنغص عليهم الحياة، حتى أعبد الناس لا بد أن تصيبه المصائب، لكن المؤمن وإن أصابته المصائب فهي خير له: (المؤمن إن أصابته الضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته السراء شكر فكان خيراً له) لكن غير المؤمن إذا أصابته الضراء تضجر وجزع، وربما يفعل الأفعال المحرمة أو يقول الأقوال المحرمة مع ما انطوى عليه قلبه من التسخط من قضاء الله، هذا غير المؤمن؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ليس منا من شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعا بدعوى الجاهلية) فتبرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من هؤلاء.
شق الجيب من الحزن والتسخط وعدم الصبر.
ضرب الخد: لأنهم كانوا في الجاهلية إذا حزنوا من الشيء قام الواحد يضرب خده.
ودعا بدعوى الجاهلية: ما هي دعوى الجاهلية؟ الويل والثبور يقول: يا ويلاه يا ثبوراه كيف أصاب بهذه المصيبة؟ وما أشبه ذلك.
نعود إلى الآية الكريمة {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق:٣] ما معنى الثاقب؟
الجواب
الثاقب الذي يثقب الظلام بضيائه وينفذ من أعلى ما يكون إلى الأرض، الثاقب: الذي يثقب الشياطين التي تستمع ما يكون في السماء.