للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من شروط المسح على الخفين: أن يكون المسح في الوقت المحدد]

الشرط الثالث: أن يكون المسح في الوقت المحدد، وهو يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر، المسافر لما كان بصدد الحاجة إلى الخفين جعل له الشارع ثلاثة أيام، والمقيم أقل حاجة جعل له يوماً وليلة، فإن مسح بعد تمام المدة فالمسح غير صحيح، والوضوء غير صحيح، فلو أن رجلاً تنتهي مدة مسحه في تمام الساعة الثانية عشرة نهاراً، ثم مسح عليهما في الساعة الواحدة نهاراً فما حكم وضوئه؟ غير صحيح؛ لأن المسح كان بعد انتهاء المدة، ولا بد أن يكون المسحُ في المدة؛ لأن الله تعالى يقول: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:٢٢٩] ولكن متى تبتدئ المدة: أمن اللُبس؟ أم من الحدث بعد اللبس؟ أم من المسح بعد ذلك؟ في هذا أقوال ثلاثة: - بعضهم يقول: من اللبس.

- وبعضهم يقول: من الحدث بعد اللبس.

- وبعضهم يقول: من المسح بعد الحدث، وإن كان أحد يقول: من المسح ولو لم يحدث كالذي يتوضأ تجديداً إن كان أحد يقول فقوله صحيح إلا أن يخالف الإجماع، فإن خالف الإجماع فالإجماع مقدم، ويظهر أثر هذا الخلاف بالمثال: رجل لبس الجوارب حين توضأ لصلاة الفجر في الساعة الخامسة، ثم أحدث في الساعة العاشرة، ثم توضأ لصلاة الظهر في الساعة الثانية عشرة، فمتى تبتدئ المدة؟ القول الصحيح: أنها تبتدئ من المسح، أي: من الساعة الثانية عشرة، وما قبل المسح لا يحسب، وعلى هذا فالذي مسح الثانية عشرة أن يمسح إلى الغد إن كان مقيماً الساعة الثانية عشرة، إذا قلنا: إنه من الحدث بعد اللبس متى تبتدئ المدة؟ من الساعة العاشرة، وإذا قلنا: من اللبس؟ تبتدئ الساعة الخامسة، لكن أرجح الأقوال: أنها من المسح؛ لأن الأحاديث تدل على ذلك، يمسح المقيم يوماً وليلة.

إذاً واضح أن المسح هو ابتداء المدة.

رجل لبس الساعة الخامسة يوم السبت، وأحدث الساعة العاشرة يوم السبت، وتوضأ الساعة الثانية عشرة يوم السبت، وفي يوم الأحد توضأ الساعة السابعة وصلى، ما تقولون في صلاته؟ إذا قلنا: ابتداء المدة من الساعة الخامسة فصلاته غير صحيحة؛ لأن الوضوء لم يصح، وإذا قلنا: من الحدث والحدث كان يوم السبت الساعة العاشرة فصلاته صحيحة؛ لأنه مسح قبل تمام المدة، وإذا قلنا: من المسح فهي من باب أولى تصح.

إذا لبس في الساعة الخامسة يوم السبت، وأحدث في الساعة العاشرة ومسح في الساعة الثانية عشرة، وتوضأ يوم الأحد الساعة الواحدة نهاراً؟ الصحيح: غير صحيحة؛ لأنه بعد انتهاء المدة على كل الأقوال، وفي الساعة الحادية عشرة، على القول بأن ابتداء المدة من الحدث غير صحيحة، وعلى القول بأنها من المسح صحيحة.

إذاً امسحوا كل الأقوال التي قلنا والاعتماد على القول الراجح: أن ابتداء المدة من المسح، فيكون ابتداء المدة من الساعة الثانية عشرة.

وهل المعتبر الزمن أم عدد الصلوات؟ الزمن وإن صلى أكثر من خمس، بعض العامة يقول: المعتبر الصلوات، وإذا صليت خمس صلواتٍ فإنه لا يمكن أن تمسح بعد ذلك، وهذا لا أصل له، لأن الأحاديث جاءت يوم وليلة، ما جاءت بعدد الصلوات، وبناء على ذلك: يمكن أن يصلي الإنسان أكثر من عشر صلوات وهو مقيم، يمكن؟ إذا لبس يوم السبت الساعة الخامسة ثم بقي على وضوئه كل اليوم لم يحدث ثم نام، وأصبح من الغد أي: من ليلة الأحد، فمسح في الساعة الخامسة وبقي على وضوئه أو توضأ وفي يوم الإثنين الساعة الرابعة والنصف مسح يصح مسحه أم لا يصح؟ مسحه صحيح لأنه قبل تمام المدة، فبقي طول يوم الإثنين على طهارته، يصح أم لا يصح؟ يصح المسح.

إذاً انظر الآن لبس الجوارب صباح يوم السبت، ولم تنته المدة إلا بعد صلاة العشاء ليلة الثلاثاء وهو مقيم، صلى خمس صلوات يوم السبت، وخمس صلوات يوم الأحد، وخمس صلوات يوم الإثنين، خمس عشرة صلاة، والسبب في ذلك أن ابتداء المدة من أول مرة مسح بعد الحدث.