فضيلة الشيخ! تفشى بين بعض نسائنا -هداهن الله- ظاهرة لبس النقاب بشكل ملفت للنظر، وهو متفاوت بين السعة والضيق، وبعضهن يلبسن نقاباً واسعاً لكن يلبسن فوقه غطاء، وتجدون برفق هذا السؤال -يا فضيلة الشيخ- نموذجين من هذه النقابات، أرجو -حفظكم الله- بيان حكم لبسهما، سواءًَ في الإحرام أو غيره عند النزول للأسواق ونحوه؟
الجواب
أقول بارك الله فيكم: النقاب في الأصل جائز، ولا يمكن أن نقول بأنه حرام؛ لأنه موجود في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والدليل على وجوده بين النساء: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى المرأة المحرمة أن تنتقب، وكونه ينهى عن المرأة المحرمة أن تنتقب يدل على أن هذا من عادات المحلات، ولكن إذا ترتب عليه مفسدة فإننا لا نفتي بجوازه تربيةً للأمة، فإذا قال قائل: كيف تمنع ما كان حلالاً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام؟ أقول: أمنعه لأنه ترتب عليه مفسدة، فبدأت المرأة توسع النقاب وتجمله وتكتحل ويحصل شر، والعين قد تفتن أكثر من نظر الوجه، فإذا قال قائل: هل سبقك أحدٌ في منع ما كان جائزاً من أجل التربية؟ فالجواب: نعم، سبقني إلى هذا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(إن يكن فيكم محدثون -أي: ملهمون- فـ عمر) وذلك في شيء من أخطر الأمور، فقد كان طلاق الثلاث في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر، كان طلاق الثلاث واحدة، فإذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فهي واحدة، في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي عهد أبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، والثلاث إذا جمعت في كلمة أو في مجلس حرام، فكثر الطلاق الثلاث في عهد عمر، فلما كثُر قال رضي الله عنه:[أرى الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم] تأديباً لهم أمضاه عليهم، وقال: أي إنسان يطلق زوجته ثلاثاً في مجلس واحد فإننا نلزمه ونمنعه من مراجعة الزوجة، مع أن مراجعة الزوجة في الأصل حلال، لكن رأى أن الناس وقعوا في الحرام فمنع الحلال، وهذا من السياسة الحكيمة؛ أن يراعي الإنسان أحوال الأمة، ولقد سمعتم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم امتنع من هدم الكعبة وردها إلى قواعد إبراهيم خوفاً من الفتنة.