للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التفصيل في حكم العمليات الاستشهادية]

السؤال

فضيلة الشيخ: علمت حفظك الله ما حصل في يوم الأربعاء من حادث قتل فيه أكثر من عشرين يهودياً على يد أحد مجاهدي حماس، وجرح فيه قريباً من خمسين، وذلك أن هذا المجاهد لَفَّ على نفسه متفجرات ودخل في إحدى حافلاتهم ففجرها، وهو إنما فعل ذلك: أولاً: لأنه إن لم يقتل اليوم فسيقتل غداً؛ لأن أشد شيء على اليهود هو الشباب الملتزم.

ثانياً: أن الحادث الذي مر في الخليل يريد أولئك المجاهدون أن ينتقموا من اليهود منه.

ثالثاً: أنهم يعلمون أن اليهود يخططون هم وغيرهم من النصارى على القضاء على الحماس الموجود في فلسطين، فهل هذا الفعل منه يعتبر انتحاراً أو جهاداً؟ وما نصيحتك في مثل هذه الحالة لأننا إذا علمنا أن هذا الأمر أمراً محرماً لعلنا نبلغه إلى إخواننا هناك وفقك الله؟

الجواب

هذا الذي وضع على نفسه هذا اللباس الذي يقتل أول من يقتل نفس الرجل، لا شك أنه هو الذي تسبب لقتل نفسه، ولا يجوز مثل هذه الحال إلا إذا كان في ذلك مصلحة كبيرة للإسلام، لا لقتل أفراد من الناس لا يمثلون الرؤساء ولا يمثلون القادة لليهود، أما لو كان هناك نفع عظيم للإسلام لكان ذلك جائزاً، وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على ذلك، وضرب لهذا مثلاً بقصة الغلام المؤمن الذي كان في أمة يحكمها رجل مشرك كافر، فأراد هذا الحاكم المشرك الكافر أن يقتل الغلام، فحاول عدة مرات، مرة يلقى من أعلى جبل -هذا الغلام- ومرة يلقى في البحر، ولكنه كلما فعل ما يهلك به هذا الغلام نجا، فتعجب الملك الحاكم، فقال له يوماً من الأيام: أتريد أن تقتلني؟ قال: نعم، وما فعلت هذا إلا لقتلك، قال: اجمع الناس كلهم، ثم خذ سهماً من كنانتي واجعله في القوس ثم ارمني به، ولكن قل: باسم رب هذا الغلام؛ لأنهم كانوا إذا أرادوا أن يسموا كانوا يسمون باسم هذا الملك، فجمع الناس ثم أخذ سهماً من كنانته ووضعها في القوس وقال: باسم رب هذا الغلام، وأطلق القوس فضربه فهلك، فصاح الناس كلهم: الرب رب الغلام، الرب رب الغلام، وأنكروا ربوبية هذا الحاكم المشرك؛ لأنهم قالوا: هذا الرجل المشرك -الحاكم- فعل كل ما يمكن أن يهلك به الغلام ولم يهلك، ولما جاءت كلمة واحدة: باسم رب هذا الغلام.

هلك، إذاً: مدبر الكون هو هذا الحاكم أم الله؟ الله، فآمن الناس.

يقول شيخ الإسلام: هذا حصل فيه نفع كبير للإسلام، وإلا فإن من المعلوم أن الذي تسبب بقتل نفسه هو هذا الرجل لا شك، لكنه حصل فيه نفع كبير، آمنت أمة كاملة، فإذا حصل مثل هذا فيقول الإنسان: أنا أفدي ديني بنفسي ولا يهمني، أما مجرد أن يقتل عشرة أو عشرين أو ثلاثين، ثم ربما تأخذ اليهود بالثأر فتقتل مئات، ولولا ما يحاولون اليوم من عقد الصلح والسلام كما يقولون، لرأيت فعالهم في الانتقام من الفلسطينيين لهذه الفعلة التي فعلها هذا الرجل.