كذلك -أيضاً- من الحيف والجور أن يتكلم الإنسان في شخص كعالم أو تاجر أو أي إنسان، ثم يذكر مساوئه التي قد يكون معذوراً فيها، ولا يذكر محاسنه، هل هذا من العدل؟ يأتي إلى عالم من العلماء أخطأ في مسألة قد يكون معذوراً فيها، ثم ينشر هذه المسألة التي أخطأ فيها وينسى محاسن هذا العالم الذي نفع العباد بكثير من علمه، هذا لا شك أنه تطفيف وجور وظلم.
إذا كنت تريد أن تقوِّم الشخص فلا بد أن تذكر محاسنه ومساوئه، أما إذا كنت تريد أن تتكلم على خطأ معين لتحذر الناس منه؛ فنعم اذكر الخطأ لكن بقطع النظر عن قائله، وقل مثلاً: سمعنا أن بعض الناس يقول كذا وكذا وهو خطأ، ثم تُبين الخطأ، أما أن تريد أن تنشر مساوئ الآخرين دون محاسنهم فهذا ظلم وجور.
كذلك -أيضاً- بعض الناس يتكلم مثلاً في واحد من التجار، هذا التاجر قد نفع الناس بتجارته، بإقراض المحتاجين والصدقة عليهم، وبناء المساجد، وأشياء كثيرة، لكن عنده معاملة أخطأ فيها في نظر هذا القائل، فيذهب يسبه بناءً على هذا الخطأ الذي قد يكون هذا التاجر استند فيه على فتوى ربما يكون معذوراً؛ والخطأ على من قال بالخطأ لكنه معذور.
هناك الآن تجار لهم خيرات كثيرة، ومحاسن ونفقات، وصدقات، وغير ذلك من المحاسن، لكن أخطئوا في معاملة من المعاملات، وربما يكون هذا الخطأ غير واقعي ولكنه في نظر القائل والمتكلم فيذهب بعض الناس ويضفي ظلالاً على هذه المحاسن ويذهب يتكلم فيه: فلان يبيع في الربا، فلان يتحيل على الربا، فلان يقول كذا وكذا ما هو صحيح هذا، العدل والميزان أن تذكر هذا وهذا، اسمع إلى قول الله تعالى في الأعراب:{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}[التوبة:١٠٢] فالعدل والموازنة أمر مطلوب وإلا لكنت من المطففين الذين يريدون الحق لهم كاملاً ولكنهم يهضمون غيرهم.