الأمر الثالث: أن يرث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الخلق الذي قال الله تعالى فيه عن رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم:٤] ولهذا كان عليه الصلاة والسلام أحسن الناس خلقاً، ومن أراد المزيد من هذا فعليه بقراءة آخر كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المسمى: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ذكر في آخره كلاماً يكتب بماء الذهب في حياة النبي عليه الصلاة والسلام وأخلاقه وآدابه.
عليك يا أخي بحسن الخلق، إنك لا يمكن أن تسع الناس برزقك مهما كان عندك من المال، لكن بحسن الخلق يمكن أن ترضيهم كلهم إذا حَسُنَ خلقك، ألم تعلموا أن الرسول عليه الصلاة والسلام جاءه أعرابي مرة من المرات وجذب رداءه بشدة حتى أثر في عنقه، وقال: اقسم يا محمد! -الأعراب يحبون المال- قال: اقسم.
ولم يقل له الرسول عليه الصلاة والسلام شيئاً بل التفت وضحك، مع أن مقامه أرفع مقامات البشر صلوات الله وسلامه عليه، لكن خالق الناس بخلق حسن، إن كنت تريد أن تكون محترماً بينهم معظماً مقبولاً فعليك بحسن الخلق، واجعل دائماً أمام عينك قول الله عز وجل:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف:١٩٩](خذ العفو) أي: ما عفا وسهل من أخلاق الناس، لا تكلف الناس أمراً تريد أن يكونوا عليه لا، أنت كن عليه لا يكون الناس عليه، خالق الناس بخلق حسن، وخذ ما عفا منهم، وما فات فلا تحرص على طلبه، تسامح، غض عنهم حتى تكون على أخلاق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم اتباعه ظاهراً وباطناً، وأن يتوفانا على ملته، ويحشرنا في زمرته، ويسقينا من حوضه، ويقر أعيننا فيه بدار كرامته إنه على كل شيء قدير.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وإلى الأسئلة التي نرجو الله تعالى أن نوفق فيها للصواب.