ثم إن هؤلاء النصارى كفروا بما دعا إليه عيسى، عيسى بن مريم ماذا قال لهم؟ يقول الله عز وجل:{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ}[المائدة:١١٦-١١٧] لكنهم قالوا: لا {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ}[المائدة:٧٣] ويعبدون ثلاثة، فقد كفروا بما جاء به عيسى من الحق، فكيف يصح أن ينتسبوا إلى عيسى عليه الصلاة والسلام وهم يكفرون بما جاء به؟! وهؤلاء النصارى وإن كانوا أعداء لليهود فيما سبق؛ لأن اليهود كذبت عيسى، وادعت أنه ولد زنا، وأن أمه بغي، وقتلوا من شبه لهم به، وقالوا: قتلنا المسيح عيسى بن مريم وصلبناه، فقال الله تعالى:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ}[النساء:١٥٧] ولكن لما جاء الإسلام صار هؤلاء المتعاديان بعضهم لبعض ولياً ضد الإسلام، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[المائدة:٥١] فإذا كان بعضهم أولياء بعض ضد المسلمين، فلا بد أن يتناصروا على المسلمين ويتعاونوا، فاليهود والنصارى كلهم أعداء للمسلمين، كلهم أعداء لنا، كلهم أعداء لمولانا وربنا عز وجل.
هل تظنون أن الولاية بين اليهود والنصارى مقتصرة على اليهود والنصارى فقط؟ لا، كل الكفار مع اليهود والنصارى، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[الأنفال:٧٣] وهذه شهادة من الله عز وجل الذي يعلم ما في صدورهم، ويعلم ما في قلوبهم، ويعلم ما يكنونهم لحزبه المسلمين، لذلك لا غرابة أن ترحب دول النصارى بما جرى من الصرب على إخواننا المسلمين، وأن يقفوا ساكتين متفرجين على ما حصل من المآسي العظيمة: من القتل والتشريد والتمثيل، وانتهاك الأعراض، وإجلاء الناس عن منازلهم، والقتل العشوائي.