للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم صيام من يلحقه الضرر بالصوم]

قد يقول قائل: ما تقول في رجل يلحقه الضرر في الصوم؟

الجواب

لا يجوز عليه الصوم ولا يلزمه القضاء.

لا يجوز له الصوم لماذا؟ لأنه يتضرر، واعلموا أن من قواعد الشريعة: أنه لا يجوز للإنسان أن يتناول شيئاً مضراً في بدنه؛ لأن الشريعة جاءت لحماية الأبدان فلا يجوز للإنسان أن يتناول شيئاً يضر ببدنه إطلاقاً، حتى لو رضي وقال: أنا راضٍ بالضرر، قلنا: الأمر ليس إليك، أنت مربوب وربك الله عز وجل هو الذي قال: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:٢٩] والنهي عن قتل النفس ليس معناه: أن رجلاً يأخذ سكيناً ويذبح نفسه، لا.

هو لا شك يتناول هذا، لكن أيضاً يتناول كل ضرر يصيب الإنسان فإن الإنسان منهي عنه، والدليل على هذا: أن عمرو بن العاص رضي الله عنه كان في سرية طائفة تقاتل لكنها ليست جيشاً- فأجنب ذات ليلة -أصابته جنابة، والإنسان إذا أجنب يجب عليه أن يغتسل، لكن الماء بارد، خاف على نفسه إذا اغتسل- فتيمم وصلى بأصحابه، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:٢٩] فتيممت، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه أو أنيابه) إقراراً، ولهذا جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا ضرر ولا ضرار) فإذا كان المريض يضره الصوم فإنه لا يجوز له أن يصوم، حتى لو قال: أنا ضاغط على نفسي وسوف أصوم، وقال: لست جالساً من بين عباد الله نقول: اجلس، الذي أوجب عليك أن تصوم في حال الصحة أوجب عليك أن تفطر في حال الضرر.

نسأل الله أن يوفقنا جميعاً للصواب، وأن يجعلنا ممن يصوم رمضان ويقومه إيماناً واحتساباً إنه على كل شيء قدير.