الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر ما لم يوجد مانع، وهذا اللقاء هو الثامن والستون من اللقاءات الشهرية، وهذه الليلة هي ليلة الأحد السادس عشر من شهر جمادى الثانية عام (١٤٢٠هـ) .
وسوف نتكلم في هذا اللقاء عما بقي من آيات آخر سورة الفرقان.
وقد انتهينا إلى قول الله تبارك وتعالى:{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ}[الفرقان:٧٧] ولا حرج علينا أن نعيد ما قبلها لما فيه من الفائدة.
يقول الله تبارك وتعالى:{أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً}[الفرقان:٧٥](أولئك) أي: الذين اتصفوا بتلك الصفات السابقة من قوله: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً}[الفرقان:٦٣] إلى هذه الآية: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا}[الفرقان:٧٥] والذي يجزيهم ذلك هو الله عز وجل، لكنه لم يسم للعلم به، والشيء المعلوم إذا لم يسم فلا حرج، أرأيتم قول الله عز وجل:{وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً}[النساء:٢٨] فإن الخالق هو الله، حذف لأنه معلوم.
إذاً:{يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ}[الفرقان:٧٥] الذي يجازي هو الله عز وجل، وحذف لأنه معلوم، لا أحد يمكن أن يدخل أحداً الجنة إلا الله عز وجل، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن أهل الجنة إذا مروا على الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار واقتص لبعضهم من بعض الاقتصاص النهائي الذي يزيل الغل والحقد في الصدور، فإذا أتوا إلى باب الجنة وجدوه مغلقاً، يحتاجون إلى أن يشفع لهم أحد في فتحه، فيشفع النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا بعد أن وصلوا إلى الجنة فكيف إذا لم يصلوا إليها؟! لا يمكن الوصول إلى الجنة ولا يمكن جزاء الغرفة إلا من قبل الله عز وجل، وقولنا: الغرفة، المراد به الجنس، وإلا فهي أكثر من واحدة، كما قال تعالى:{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}[سبأ:٣٧] غرفات: جمع غرفة، فالمراد بقوله:(الغرفة بما صبروا) المراد الغرفات وهي غرفات الجنات، كما قال عز وجل:{لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}[الزمر:٢٠] .