للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم من سافر في نهار رمضان صائماً ثم أراد أن يفطر

رجل صام في بلده، ثم سافر في أثناء النهار، فهل يجوز له أن يفطر وقد صام ونوى الفرض، فهل يجوز أن يفطر أو لا؟ قال بعض أهل العلم: لا يجوز؛ لأنه لما تلبس بالفرض صار إتمامه واجباً، والقاعدة الفقهية: أن من دخل في فرض لزمه إتمامه.

فلا يجوز أن يفطر.

وقال بعض العلماء: بل يجوز أن يفطر، وهذا القول هو الصحيح، أن من سافر في أثناء اليوم وهو صائم فله أن يفطر سواء شق عليه الصيام أم لم يشق، الدليل: لأن التعليل الذي ذكره المانعون تعليل قوي، دخل في فرض ولا يمكن أن يخرج منه إلا لضرورة، لكن نقول لدينا دليل: وهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أفطر في السفر وكان صائماً.

ولا شك أن لنا في رسول الله أسوة حسنة -عليه الصلاة والسلام- فعليه: إذا سافر في أثناء اليوم وهو صائم فله أن يفطر ولا حرج عليه.

لو قدرنا أن معه أهله هل يجامع أو لا؟ نعم يجامع؛ لأنه متى جاز الأكل والشرب جاز الجماع، هما قرينان في القرآن الكريم: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:١٨٧] ولذلك لو دخل وقت الصلاة وأنت في بلدك ثم سافرت قبل أن تصلي، فهل تصلي أربعاً أو ركعتين؟ تصلي ركعتين؛ لأنك الآن مسافر، فلو قال قائل: هذا وجبت عليه الصلاة أربعاً؛ لأنه أذن وهو في البلد، قلنا: نعم.

وجبت عليه أربعاً؛ لكن الآن هو في سفر، وقد قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء:١٠١] فيصلي ركعتين.

كما لو أنه كان بالعكس، لو قدم من السفر وقد دخل عليه وقت الصلاة وهو في السفر ثم وصل بلده كم يصلي؟ يصلي أربعاً، العبرة بفعل الصلاة.

لو سألنا سائل: الصائم الذي سافر للعمرة هل الأفضل أن يؤدي العمرة في النهار ولكنه لا يستطيع إلا أن يفطر ويتقوى على الأكل والشرب، أو الأفضل إذا وصل إلى مكة أن يبقى إلى آخر النهار فإذا أفطر وتقوى أتى بالعمرة؟ أيهما أفضل؟ الأول أفضل، نقول: أفطر وأد العمرة منذ أن تصل إلى مكة؛ لأن المعتمر لا ينبغي أن يقدم شيئاً على العمرة من حين أن يصل إلى مكة، حتى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان ينيخ راحلته عند المسجد قبل أن يذهب إلى رحله ويؤدي العمرة، فنقول: هذا أفضل.

هذا المثال الذي ذكرته الآن قد لا نحتاج إليه اليوم؛ لأن اليوم النهار بارد ويمكن للإنسان أن يأتي بعمرته من حين أن يصل بدون مشقة، لكن قبل سنوات كان الإنسان يشق عليه جداً أن يؤدي العمرة وهو صائم، والأمر والحمد لله واسع.