قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(أفطر الحاجم والمحجوم) إذا قلنا: إن العبرة من إفطار المحجوم أنه قد يشق عليه لكثرة نزول الدم فما العبرة من إفطار الحاجم.
وآخر يقول: من المعلوم لديكم أن هناك من يقول بعدم جعل الحجامة من مفطرات الصيام ويستدلون بحديث في البخاري عن ابن عباس: (احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم) ويجيبون عمن قال بأن هذا الحديث نصه: (احتجم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو محرم) فما الجواب؟
الجواب
أما الفقرة الأولى من السؤال وهي أننا إذا قلنا بفطر المحجوم لخروج الدم الكثير منه وإضعاف البدن فما العلة في فطر الحاجم؟ الجواب على هذا من أحد وجهين: فمن العلماء من قال إن إفطار الحاجم أمر تعبدي لا ندري ما الحكمة، فنأخذ باللفظ وإن لم نعرف الحكمة، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
ومنهم من قال إن العلة هي أن الحاجم يمص القارورة مصاً قوياً، وإذا مصها مصاً قوياً فإن الدم ينزل في فمه إلى معدته فيكون بذلك مفطراً، وإذا قدرنا أنه حفظ نفسه ولم ينزل فهذا نادر، والنادر لا حكم له، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وبناءً على ذلك قال: لو أن الحاجم حجم بدون مص القارورة بل بوسيلة أخرى فإنه لايفطر، ولهذا لا يفطر الفاصد ولا الشارط، لأنهما لم يمصا القارورة، أي: ليس هناك قارورة يمصانها.
أما بالنسبة لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:(أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم احتجم وهو صائم) فقد قال الإمام أحمد: إن هذه الرواية خالف فيها الراوي أصحاب عبد الله بن عباس الذين رووا الحديث، فقد رووه بأنه احتجم وهو محرم، ويكون قوله:(وهو صائم) رواية شاذة.