أنا مقيم في بريدة وذهبت لعمل عمرة، وقبل دخول الحرم حاضت زوجتي فاجتهدت وقلت لها: استثفري جيداً وطوفي وأتم العمرة، حيث أننا لا نستطيع المكث والانتظار أو العودة مرة أخرى، فما رأي فضيلتكم؟
الجواب
رأيي أن هذه فتوى من جاهل، وأنه لا يحل لإنسان أن يفتي إلا بعلم، إذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما قيل له: إن صفية زوجته قد حاضت.
قال:(أحابستنا هي؟) ستحبس القوم والرسول والصحابة) حتى تطهر (أحابستنا هي؟ قالوا: إنها قد أفاضت، قال: انفروا) يعني: طواف الوداع لا يجب على الحائض، فهذه الفتوى التي أفتاها خطأ، والواجب عليها الآن أن تتجنب جميع محظورات الإحرام ومن ذلك معاشرة الزوج؛ لأنها لم تزل على إحرامها، ولتذهب إلى مكة وتكمل العمرة، لا تغتسل عند الميقات وتحرم، لأنها محرمة، الآن هي محرمة، تذهب إلى مكة وتطوف وتسعى وتقصر.
وأما مسألة الاستثفار فيجب يا إخواني أن تعلموا أنه لم يقل بها إلا قليل من العلماء، ولم يقولوا بها في مثل حالنا الآن، قالوا بها: إذ جاءت امرأة على بعير من بلاد بعيدة؛ من الشام أو العراق أو مصر أو ما وراء ذلك ولم تتمكن من إبقاء الناس معها، ولا تتمكن من الرجوع فبعض العلماء يقول: تبقى على إحرامها إلى يوم القيامة، لا تتزوج ولا يأتيها زوجها؛ لأنها ما كملت، تبقى، وبعض العلماء يقول: تكون محصرة.
ومعنى محصرة: أن تذبح هدياً، ولم تكن قد أدت الفريضة عليها حينئذ، فترجع بدون أداء الفريضة، والمسألة فيها ثمانية أقوال للعلماء، وذهب شيخ الإسلام رحمه الله مذهباً جيداً قال: إذا كانت لا تستطيع أن ترجع ولا تستطيع أن تبقى حتى تطهر فلها أن تستثفر بثوب وتطوف ولا حرج عليها.
لكن الذي في بريدة أو في عنيزة أو في أطراف المملكة أما يستطيع أن يرجع؟ يستطيع، فيذهب بأهله وهي حائض قبل أن تكمل النسك، وإذا طهرت رجع بها.
فليتق الله أخونا، وليعلم أن الإقدام على الفتوى بلا علم ليس بالهين، قال الله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[الأعراف:٣٣] ، وقال تعالى:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء:٣٦] فليتق الله، وليبادر الآن قبل أن يكثر الزحام في مكة فيذهب بامرأته لتكمل عمرتها، اللهم اهدنا فيمن هديت.