في بعض الحالات المرضية وأثناء الصوم قد يطلب الطبيب من المريض الإفطار وذلك دفعاً للضرر عنه، وقد يرفض المريض الإفطار اجتهاداً منه في طلب الأجر من الله أو لعدم رغبته في صيام أيامٍ أخر، فما حكم طلب الطبيب في مثل هذه الحال لذلك المريض؟ وما حكم رفض المريض الإفطار الذي قد يضره فيما إذا استمر بالصوم؟
الجواب
أما الطبيب فيجب عليه أن يأمر المريض بالفطر إذا كان الصوم يضره؛ لأنه مؤتمن، وقد قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[النساء:٥٨] وأما المريض فإذا قال الطبيب الثقة: إن الصوم يضره؛ صار الصوم في حقه حراماً، لقول الله تبارك وتعالى:{وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}[النساء:٢٩]{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة:١٩٥] فإن قال قائل: إن الآية في القتل: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}[النساء:٢٩] قلنا: إن عمرو بن العاص استدل بهذه الآية على ما يحصل به الضرر فأقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك لما بعثه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سرية فأجنب وكانت الليلة باردة، فهل خاف إن اغتسل أن يموت أو أن يتضرر ويلحقه الزكام أو السخونة؟ لا شك أنه ليس هناك خوف من الموت، فلما قدم المدينة قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}[النساء:٢٩] وكانت الليلة باردة فتيممت فضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم) تقريراً لفعله.
فنقول: الآية في القتل وما دونه، كل شيء فيه ضرر على نفسك فهو حرام عليك، فنقول للمريض الذي قال له الطبيب: إن الصوم يضرك ولكنه صام، نقول: هذا حرام عليك، ويخشى إن صمت وكان صومك سبباً في موتك أن تكون ممن أعان على قتل نفسه.