ذكرتم حفظكم الله أنه يشرع في أيام العشر الرحيل إلى بيت الله الحرام؛ لأداء العمرة أليس في هذا مشقة ومضايقة لمن أتى إلى مكة لأداء العمرة والحج؟ هذا فقط أريد أن يكون عليه التنبيه.
الجواب
نحن نريد لأداء العمرة والحج، ونريد أيضاً لأداء العمرة؛ لأن العمرة مشروعة في أشهر الحج التي أولها شوال وآخرها ذو الحجة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا في أشهر الحج؛ حتى إن بعض العلماء تردد: هل العمرة في أشهر الحج أفضل أو العمرة في رمضان أفضل؟ لأن عمر الرسول صلى الله عليه وسلم كلها في أشهر الحج، عمرة الحديبية في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة القضاء في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة الجعرانة في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة حجة الوداع في ذي القعدة وذي الحجة في أشهر الحج، فلو أن الإنسان تيسر له أن يأتي للعمرة في أشهر الحج، في ذي القعدة في آخر شوال فذلك يكون طيباً؛ ونحن حيث قلنا يسير الناس أو يرتحل الناس إلى مكة فإنما قصدنا بذلك أن يؤدوا العمرة والحج جميعاً.
وأما مسألة التضييق فقد قال بعض المعاصرين: ينبغي للإنسان إذا أدى الفريضة ألا يحج؛ لأنه يضيق على الناس ولكننا لا نرى هذا الرأي، نقول: الحج رغب فيه الشرع وحث عليه لكن بعد القدرة، والزحام الذي يحدث للناس والمشقة التي تأتي للناس لا تكون إلا من سوء التصرف، ولو أن الناس عملوا بهدوء وطمأنينة وخشوع ما حصلت هذه الأذية، ولهذا نرى أن الناس إذا كانوا يؤدون المناسك بهدوء وخشوع وتعبد لله لا يحصل لهم أذية أبداً؛ لأن الأذية تحصل من الجدال والمخاصمة والمغالبة لا من الكثرة.