للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استغلال الإجازة للنزهة والترفيه]

هناك قسم آخر من الناس يذهب إلى النزهة في البر وهذا لا حرج فيه ولكن يجب في هذا أمور: أولاً: المحافظة على الصلاة إما بالطهارة: بحيث لا يتهاونون في الوضوء إذا كان الماء قريباً منهم، وبإمكانهم أن يحملوا معهم (جوالين) أو (توانك) يضعونها هناك يتوضئون منها، وليس هذا بصعب في الوقت الحاضر ولله الحمد.

ثانياً: الصلاة جماعة في وقتها، يجب أن يصلوا جماعة في الوقت، أما أن يتخلفوا عن الجماعة مع إمكانها وسهولتها فإنهم آثمون بذلك.

ثالثاً: أن يحرصوا على أن تكون مجالسهم مجالس خير، يأخذون معهم شيئاً من كتب التفسير أو كتب الحديث أو كتب الوعظ الصحيحة يقرءونها في فراغهم في أول ليلهم، ولا يحرصوا على أن يطيلوا السهر؛ لأن طول السهر مضرة على البدن وحجب عن الصلاة في آخر الليل وهم كالذين في البلد ينبغي لهم أن يكثروا من النوافل والتطوع كغيرهم.

رابعاً: أن يحرصوا على زيارة من حولهم من النزلاء للتأليف والتعليم والإرشاد؛ لأن هذا ينفع نفعاً عظيماً ولا يحقرن أحد شيئاً من العلم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (بلغوا عني ولو آية) وما أحسن القوم إذا زار بعضهم بعضاً؛ يسيأنس بعضهم إلى بعض، ويألف بعضهم بعضاً، ويتعلم بعضهم من بعض، ويعظ بعضهم بعضاً، ويذكر بعضهم بعضاً، ففيه مصلحة كبيرة.

خامساً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا سمعوا من قومٍ ما لا يجوز أو رأوا منهم ما لا يجوز، فالواجب الاتصال بهم والتحدث إليهم بالرفق واللين والموعظة الحسنة، وأن ينهوهم عن المنكر، فيقول: ليس هذا جزاء النعمة التي أنعم الله بها علينا؛ أمن ورخاء وهذه نعم ولله الحمد، غيث ومطر، فيذكرنهم بنعمة الله ويقولون: لا تكونوا ممن بدل نعمة الله كفراً، ولكن بالتأني والرفق.

وليعلم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أنه كالطبيب مع المريض يستخدم اليسر واللين والتخفيف عن المريض حتى يتوصل إلى القضاء على المرض.

إذاً: هؤلاء الذين أصيبوا بالمعاصي مرضى، ولهذا تجدون في القرآن كل مرض يضاف إلى القلب فهو مرض المعاصي: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا} [النور:٥٠] {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً} [البقرة:١٠] .

سادساً: الحرص على أن يكون الخارجون للنزهة على مستوىً واحدٍ في السن أو متقارب، بمعنى أنه لا ينبغي أن يكون بعضهم صغاراً وبعضهم كباراً، اللهم إلا من كانوا مع أهليهم فهذا شأن آخر، لكن الذين تجمع بينهم الصحبة لا ينبغي أن يذهبوا بالصغار مع الكبار؛ لأن هذا قد تحصل به الفتنة من حيث لا يشعر الإنسان، والإنسان مثلاً قد يقول في نفسه: أنا والحمد لله مطمئن ولا أخشى على نفسي شيئاً، ولكن ليعلم أن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من سمع بالدجال فلينأى عنه -يبعد- فإن الرجل يأتيه وهو مؤمن -وواثق من نفسه- ولكن لا يزال به حتى يتبعه لما يقع في قلبه من الشبهات) اللهم اعصمنا من فتنة المسيح الدجال.

إذاً: لا تقل: إني آمن وواثق! لا.

الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، لذلك يجب أن يكون الخارجون على سنٍ واحدة متساوين أو متقاربين إلا من كان مع أهله فإنه مع أهله فيهم صغار وفيهم كبار.

سابعاً: أن يحرص على ألا يُبعد عن مخيمه، فإن هذا قد يحصل به الضياع ويتيه الرجل، والإنسان إذا تاه فإنه يُغمى عليه كما يقول العامة: ينجم ولا يستطيع أن يدرك المكان، لذلك يتجنب البعد عن المخيم إلا مع إنسان عارف يدله إذا ضل، ومعلوم أن الإنسان إذا ضاع فسوف يتعب هو بنفسه ويعرض نفسه للخطر إما خطر البرد وإما خطر أهل السوق وإما غير ذلك، وكذلك يشغل أصحابه وأهله، فلهذا يجب أن يتجنب البعد عن مخيمه؛ لما في ذلك من الخطر إلا إذا كان مع شخصٍ عارف يعرف المكان ويعرف الأرض، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

هذه الأمور ينبغي للإنسان أن يلاحظها، لأنها هامة يحتاج الناس إليها.