فضيلة الشيخ! يعمد بعض النساء في مثل هذه الأيام وشهر شعبان إلى بيع ما عندها من الذهب أو استبداله هروباً من زكاة الحلي التي يحل حولها في رمضان، فهل من نصيحة وتوجيه؟
الجواب
النصيحة: يجب أن نعلم أن الحيل في الشريعة الإسلامية باطلة؛ سواء كانت هذه الحيل على إسقاط واجب، أو على فعل محرم، فكلها باطل، والذي يتحيل فيه شبهٌ من أخس عباد الله وهم اليهود، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل) والمتحيل على الله لاعب على الله -والعياذ بالله- مستهزئٌ بالله:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ}[البقرة:٩] ومع ذلك كل من تحيل على واجب لإسقاط الواجب فإنه لا يسقط ويكون مطالباً به عند الله، وكل متحيل على محارم الله فإنها لا تحل ويكون معاقباً على هذه المعصية، فحذار حذار من الحيل! فإنكم لا تعاملون إلا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ونقول: لو فرض أن امرأة باعت حليها في شعبان أو في رجب فراراً من وجوب الزكاة عليها في رمضان، فإن الزكاة تجب عليها في رمضان في الحلي الجديد؛ لأنه عوض عما تجب فيه الزكاة، أرأيت لو أن إنساناً عنده -مثلاً- دراهم من فضة، ثم باعها قبل رمضان بشهر أو شهرين وحولها إلى دنانير، فهل تجب الزكاة في الدنانير في رمضان أم نقول: حتى يتم الحول؟ تجب في رمضان، فالحيل لا تسقط الواجب، وما سمعت أحداً قال مثلما جاء في هذا السؤال من هذه الحيلة.
نعم.
أسمع من بعض الناس يقول: إن حلي المرأة لا تجب فيها الزكاة، وهذا خلاف مشهور من قديم الزمان، ولكن الخلاف يجب على المؤمن أن يرده إلى الله ورسوله، قال الله عز وجل:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}[الشورى:١٠] وقال عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء:٥٩] ولم يرد لا في القرآن ولا في السنة أن حلي المرأة لا زكاة فيه أبداً، ومن وجد شيئاً من ذلك فليسعفنا به، بل النصوص عامة في وجوب زكاة الذهب والفضة، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) .
لا يوجد نص يقول: ليس في حلي المرأة زكاة، والقياس على الثياب غلط، فلو كان عند الإنسان ألف ثوب لا تجب في الزكاة، فقياس الحلي على الثياب غلط: أولاً: لأنه قياس في مقابلة النص، وكل قياس في مقابلة النص فإنه فاسد باطل.
ثانياً: أنه لا يتم القياس؛ لأن الذهب والفضة الأصل فيهما وجوب الزكاة، والثياب ونحوها الأصل فيها عدم الوجوب.
ثالثاً: أن الذين يقولون بعدم الوجوب، قالوا: لو أن المرأة أعدت الذهب للكراء -تؤجره- ففيه الزكاة، ولو أن إنساناً صنع ثياباً كثيرة للكراء فليس فيها زكاة، فإذاً: القياس غير صحيح.
والحمد لله، زكاة الحلي ربع العشر، أي:(٢.
٥%) وهذه لا تضر الإنسان، إن كانت واجبة في دين الله فقد أدى ما عليه وأبرأ ذمته، وإن لم تكن واجبة فهي تطوع:(وكل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة) والله ليتمنين كل واحدٍ منا بعد الموت أنه تصدق بدرهم واحد، لأن كل الأموات يتمنون أن في حسناتهم زيادة حسنة واحدة، والصدقة من أفضل الأعمال.