للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطلاق المشروع والممنوع]

المبحث الرابع: تلاعبُ كثير من الناس اليوم في حل النكاح -في حله لا في عقده- تجد الرجل يغضب على زوجته لأدنى شيء، أدنى شيء يغضب عليها ثم يبت الطلاق، لو دخل وفنجان الشاي ما تم قام يصرخ على المرأة ويقول: أنتِ طالق أنتِ طالق أنتِ طالق ولا يبالي نسأل الله العافية، فإذا قال ذلك وهو من وحي الشيطان سقط في يده وندم، وجعل يتجول بين العلماء لعله يجد مخرجاً، فيقال: لا مخرج لك، لأنك لو اتقيت الله لجعل لك مخرجاً، لكنك لم تتقِ الله.

أولاً: الطلاق الأصل فيه الكراهة.

ثانياً: إذا أراد الزوج الطلاق فلا يطلقها وهي حائض، لأن المرأة إذا كانت حائضاً فإن النفس قد تعافها ولا تتعلق بها، ويكون في تلك الحال غير راغب فيها، فمنع من طلاقها حتى تطهر لعله يراجع نفسه.

ثالثاً: لا يطلقها في طهر جامعها فيه، لأنها ربما تكون حملت، فإذا طلقها في طهر جامعها فيه ثم بان حملها ربما تكون هذه الطلقة الأخيرة فيندم، ويفوته الولد، وربما يكون الولد في حضانة بعيدة عنه، فلهذا لا يجوز أن يطلق الإنسان زوجته لطهر جامعها فيه، متى يطلقها إذاً؟ يطلقها في حالتين: الحالة الأولى: أن يطلقها وهي حامل، فإذا طلق زوجته وهي حامل وقع الطلاق خلافاً لما يظنه بعض العوام: أن الحامل لا طلاق لها، هذا غلط، لأن الله قال في سورة الطلاق: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق:١] إلى أن قال: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:٤] فطلاق الحامل واقع، ربما تكون هذه آخر طلقة لكن لا يهم، لأنه عرف الولد وعرف أنها حامل فله أن يطلقها ولو كان قد جامعها قبل ساعة.

الحالة الثانية التي يباح فيها الطلاق: أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، لكن يُستثنى من ذلك من لم يدخل بها، فله أن يطلقها ولو كانت حائضاً، وليس عليها عدة لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:٤٩] ولهذا لو أن الإنسان طلق امرأته التي لم يدخل بها في الساعة الثانية عشرة ظهراً، وخطبها إنسان في الساعة الواحدة وتزوجها، ما حكم النكاح؟ صحيح، لأنه لا عدة لها، والمحرم النكاح في العدة وهذه غير معتدة الآن.

إذاً: فيجوز أن يُعقد عليها ولو بعد خمس دقائق أو أقل من طلاق الأول، لو فرض أن الكاتب يكتب طلاق الأول ثم يعقد للثاني في نفس اللحظة، يجوز أم لا؟ يجوز؛ لأن المرأة إذا طلقت قبل الدخول فإنه ليس عليها عدة وحينئذ تحل للأزواج.

وهذه مسائل يجب للإنسان أن يعتني بها ويعرفها، وألَّا يخرج من النكاح إلا بحسب الحدود الشرعية، لأن الله تعالى لما ذكر الطلاق قال: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق:١] .