الثالث: الإقلاع عن الذنب: وما أثقل هذا الشرط على كثير من الناس! فلننظر إلى إنسان يترك الصلاة، كيف يكون الإقلاع عن ترك الصلاة؟ أن يصلي.
إنسان يأكل الربا فكيف الإقلاع؟ أن يترك الربا.
إنسان تعدى على شخص فضربه، فكيف الإقلاع؟ الإقلاع أن يستحله ويقول: يا فلان حللني.
إنسان اغتاب شخصاً تكلم في عرضه وهو غائب، فكيف الإقلاع منه؟ أن يمسك عن غيبته وأن يستحله، يقول: يا فلان حللني، وإذا جاءك أخوك المسلم يطلب منك الحل فلا ترده، حللَّه حتى يكون أجرك على الله عز وجل، قال الله تعالى:{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[الشورى:٤٠] بعض الناس -والعياذ بالله- تأخذه العزة بالإثم، فإذا جاءه أخوه يستحله يقول: كيف أحللك وأنت هتكت عرضي وتكلمت عليَّ في المجالس وما أشبه ذلك؟ نقول: ما دام الرجل جاء يستحلك فاحتسب الأجر على الله عز وجل، ولعلك إذا حللته أن تنقلب غيبته إياك ثناءً عليك، وهذا هو الواقع.
وذا كان الذنب أخذ مال من شخص؛ سرقة أو غصباً أو ما أشبه ذلك، فكيف الإقلاع عنه؟ أن ترد المال إليه، فإذا قال: لا أستطيع، لو ذهبت وأعطيته -مثلاً- مائة ريال لقال: أخذت مني ألفاً، ثم جعلها مشكلة، نقول: إذا خفت من هذا فهناك طرق: كأن تعطي المال شخصاً ثقة وتقول: يا فلان! هذا المال أخذته سرقة من ذلك الرجل وعينه، جزاك الله خيراً أده إليه وقل له: إن هذا مال قد أخذ منك في سالف الزمان، وتبرأ الذمة بهذا.
وإذا لم تجد ثقة فاجعله في ظرف وأرسله في البريد ولا تكتب عنواناً لك، وقل: هذا من أخ لك تاب إلى الله وقد أخذه منك فحلله.
إذا كنت لا تعرفه، مثل أن يكون صاحب دكان أخذت منه شيئاً وسافر الرجل ولم تدر من هو ولا تعرف محله، فماذا تصنع؟ تصدق به تخلصاً منه لا تقرباً به إلى الله، لأنك لو تصدقت به تقرباً إلى الله ما قبل الله منك، لكن تصدق به لصاحبه تخلصاً منه.
فإن كان صاحبه كافراً، وهذا يقع من بعض الناس يكون عنده عامل غير مسلم فيظلمه ولا يوفيه ويسافر العامل ولا يعرف عنه لا مكانه ولا حمولته ولا شيئاً مما يمكن أن يتوصل إليه، فإنه يتخلص من هذه الدراهم ويعطيها إما بيت المال، وإما شخصاً فقيراً، أو ما أشبه ذلك، وهذا الرجل إن أسلم نفعته الصدقة، وإن لم يسلم لم تنفعه الصدقة؛ لأن الكافر لا ينفعه أي عمل صالح.