من شروط الأضحية: أن يكون ذبحها في الزمن المحدد شرعاً
الرابع: أن تكون في وقت الأضحية، من صلاة العيد يوم العيد إلى غروب الشمس يوم الثالث عشر، فتكون أيام الذبح أربعة أيام يجزئ الذبح فيها ليلاً ونهاراً، والنهار أفضل من الليل، وأول يوم أفضل من الذي يليه، فإن ذبح قبل التسليمة الثانية من صلاة العيد فهي غير مقبولة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من ذبح قبل الصلاة فشاته شاة لحم) لا تقبل.
من ذبح بعد غروب الشمس ليلة الثالث عشر فإنها لا تقبل؛ لأنها بعد الوقت، اللهم إلا في حال واحدة: لو أن الرجل اتكل على ابنه -مثلاً- قال: يا ابني ضح.
فتهاون الابن أو نسي ولم يضح، وكان الأب عازماً على الأضحية لكن قد وكل ابنه فلم يفعل، والأب ظن أنه ضحى، وبعد غروب الشمس ليلة الثالث عشر جرى الدرس بينهما فقال الابن: أنا ما ضحيت نقول: لا بأس الآن أن يضحي وتكون قضاءً؛ لأن هذا من نيته أن يضحي في الوقت نفسه لكن نسي.
والأفضل أن الإنسان بنفسه يتولى ذبح أضحيته، وأما سلخها وتقطيع لحمها فأمر هين، لكن المهم أن يذبح هو بنفسه، فيضجع الشاة أو العنز على الجانب الأيسر أولاً: لأنه أهون له لأنه سيذبح باليمنى، وثانياً: لعل الأيسر أقرب إلى القلب فيكون أسرع في خروج الدم، وكلما كان الدم أسرع صار الموت أريح، فإذا قال: أنا لا أعرف أن أذبح باليد اليمنى.
هو لا يعرف أن يذبح إلا باليسرى فعلى أي الجنبين يضجعها؟ يضجعها على الأيمن؛ لأنه لو أضجعها على الأيسر لما تمكن إلا بصعوبة وأذى للبهيمة.
البقرة تذبح أم تنحر؟ تذبح، وعلى هذا تضجع على الجانب الأيسر ويذبحها الإنسان.
وإذا أراد الذبح فإنه مطالب بأمور: أولاً: أن يذبح بسكين حادة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وليحد أحدكم شفرته) .
الثاني: ألا يحدها وهي تنظر، إذا أراد أن يحدها -يعني: يسنها- فلا يفعل ذلك والبهيمة تنظر لماذا؟ لأنها ترتاع، هي تعرف أنه إذا سن السكين أمامها وقد أضجعها أنه يريد ذبحها فترتاع.
وأيضاً: لا يذبحها والأخرى تنظر؛ لأنها ترتاع -أيضاً- إذا رأت أختها تضجع وتذبح ارتاعت، ولهذا نجد بعض الأحيان إذا ذبحت أمام أختها هربت الأخت، ولا يستطيعون إمساكها إلا بمشقة.
وأيضاً: ينبغي عند الذبح أن يذبح بقوة وعزيمة؛ لأنه لو جعل يرمي بسهولة ويحرحر الذبح لتأذت البهيمة، بل يرمي بقوة وسرعة؛ لأن ذلك أسهل.
وإذا ذبح فليقل: باسم الله.
عند تحريك يده بالذبح، ويزيد على ذلك: الله أكبر، والواجب قول: باسم الله، أما (الله أكبر) فهو مستحب، ويقول -أيضاً-: اللهم هذا منك ولك، منك خلقاً ولك تعبداً؛ لأن الذي يسر لك هذه الشاة أو البقرة أو البعير هو الله عز وجل، وله تعبداً فتقول: اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عني وعن أهل بيتي.
أو تقول: اللهم تقبل مني ومن أهل بيتي.
ولا يجوز أن يكسر عنقها حتى تموت، وبعض الذين لا يخافون الله ولا يرحمون خلق الله يكسر عنقها قبل أن تموت؛ لأنه أسرع لموتها، لكن فيه أذية لها، اصبر وستموت ما دام الدم يخرج، فإنه إذا نزف الدم لا بد أن تموت، لكن بعض الناس -نسأل الله العافية- يكسر عنقها؛ لأجل أن تموت سريعاً، وهذا حرام.
وكذلك -أيضاً- نقول: لا تشرع في سلخها حتى تموت؛ لأن سلخها يؤلمها، ما دامت الروح فيها فإن السلخ يؤلمها، أن تجرحها وتشق جلدها لا بد أن تتألم، فانتظر حتى تزهق روحها؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن نعجل الأنفس حتى تزهق.
الدم الذي يخرج منها نجس أم طاهر؟ ما كان قبل خروج الروح فإنه نجس، وما كان بعد موتها فهو طاهر.
الدليل على أن الدم قبل أن تزهق روحها حرام قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام:١٤٥] أما بعد أن تخرج روحها فالدم طاهر، فإذا أصاب الإنسان منها دم بعد سلخها فهو طاهر، ولا يجب عليه أن يغسله لا من ثوبه ولا من بدنه.
ما حكم الدم الذي يكون في القلب؟ طاهر، وكذلك دم الكبد والعروق.
هل يجب أن نغسل ما على الرقبة مما حصل من الدم المسفوح أم لا يجب؟ قال بعض العلماء: إنه يجب لأنه نجس، وقال بعض العلماء: إنه معفو عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأمر بغسله، ولا أمر بغسل الصيد الذي يصيده الكلب أو يصيده الصقر أو ما أشبه ذلك مع أنه متلوث بدم نجس، وهذا مما يعفى عنه، فلو أن الإنسان ترك غسله فلا حرج عليه، ولو غسله لكان هذا أحوط وأحسن.
فإذا ذبح فكيف يكون توزيع اللحم؟ نقول: إن الله تعالى قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج:٢٨] ولم يحدد الله تبارك وتعالى، لكن قال أهل العلم: يجعلها أثلاثاً: ثلث للأكل، وثلث للهدية، وثلث للصدقة، ولكن هذا ليس شيئاً واجباً إنما شيء على وجه التقريب، فيتصدق ويهدي ويأكل، والأفضل أن يبادر بها، وأن يبادر بالأكل منها؛ لأن الله تعالى قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج:٢٨] .
ثم إذا كان لا يستطيع الذبح بنفسه فالأفضل أن يحضر ذبحها، ونحن نعرف أن الشاة والعنز غالب الناس يستطيعون أن يذبحوها، لكن البقرة صعب ذبحها على الإنسان، وكذلك البعير صعب نحره على الإنسان، فنقول: إذا كنت لا تعرف فاحضرها، فإذا حضرها صاحبها هل يسمى هو أو يسمي الفاعل؟ الفاعل، لو سمى هو ولم يسم الفاعل حرمت الذبيحة، بل الفاعل هو الذي يسمي، يقول: باسم الله، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عن محمد أو عن علي أو عن خالد أو عن بكر وأهله.
ولعلنا نكتفي بهذا القدر مما أردنا أن نتكلم فيه، ونسأل الله تعالى أن ينفع به، وأن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً، ورزقاً طيباً واسعاً.
ونختم هذا بأن من أراد أن يضحي فإنه إذا ثبت دخول شهر ذي الحجة حرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته، حتى فيما يسن أخذه من الشعر فلا يأخذه، أو الظفر، أو البشر، ما هي البشرة هذه؟ الجلد، إلا إذا انكسر الظفر فله أن يقص ما انكسر، أو نزلت الشعرة في عينه وآذته فليأخذها، أو انكشط جلده وآذاه فله أن يقصه؛ لأن هذا لدفع أذاه وإلا فلا يأخذه.
وهل هذا حرام على رب العائلة وهو القيم أو على الجميع؟ على رب العائلة فقط، أما أهل البيت فلا بأس أن يأخذوا من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (وأراد أحدكم أن يضحي) ولأنه كان يضحي عن أهله، ولم ينقل أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لهم: اجتنوا ذلك.
إلى متى؟ قال العلماء: إلى أن يضحي، إذا ضحى حل له أن يأخذ من شعره وبشرته وأظفاره.
وإذا لم يضح إلا ثاني العيد فإنه ينتظر حتى يضحي، وكذلك ثالث العيد ينتظر حتى يضحي، أو رابع العيد ينتظر حتى يضحي.