تفسير قوله:(أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ)
قال الله عز وجل:{أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ}[المطففين:٤] الاستفهام هنا للتوبيخ، يوبخ هؤلاء، يقول: هل أنتم تؤمنون بأنكم ستبعثون يوم القيامة؟ وأقول: نعم هم يقولون: سنبعث لهذا اليوم لكنهم ينسونه عند حلول الشهوات، في الحقوق ينسون أنهم يبعثون، وإلا لو أن الإنسان إذا حدثته نفسه أن يخل بواجب أو ينتهك محرماً تذَّكر يوم المعاد، فما أظن عاقلاً يؤمن بذلك إلا وكف نفسه عن المحرم وألزمها بفعل الواجب كل إنسان يهم بأن يترك واجباً أو يفعل محرماً ثم يتذكر اليوم الآخر، ذلك اليوم العظيم الذي وصفه الله بأنه يجعل الولدان شيباً لا يمكن أن يقدم على ترك واجب أو على فعل محرم أبداً، لكن الغفلة والنسيان تستولي علينا حتى ننسى هذا اليوم العظيم اللهم ذكرنا به يا رب العالمين.
{أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ}[المطففين:٤-٥] وهنا سؤال نحوي بلاغي، قال:{أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ}[المطففين:٤] أشار بإشارة البعيد مع أنهم قريبون يتحدث عنهم الآن، فلماذا أشار إليهم بإشارة البعد؟ أشار إليهم بإشارة البعد لا تفخيماً وتعظيماً لهم، ولكن إشارة إلى دنو مرتبتهم وضآلة مسلكهم، وأنهم بعيدون عن الحق.