للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طلب العلم خير من الجهاد إلا لمن لا يصلح للعلم]

السؤال

سائل يقول: فضيلة الشيخ: أنا طالب للعلم أمامي خيارات عدة أريد أن أسلك واحداً منها، وأريد رأي فضيلتكم في ذلك: أولاً: طلب العلم الشرعي في هذه البلاد.

ثانياً: السفر إلى أرض البوسنة والهرسك أو غيرها للجهاد في سبيل الله.

ثالثاً: السفر إلى بلادنا والعمل لدين الله والدعوة إليه، علماً بأنه في الغالب مصير هذا الطريق الأسر.

رابعاً: البقاء في هذه البلاد وجمع ما تيسر من مال وإرساله أو جزء منه إلى الفقراء والمساكين والمأسورين في بلادنا، فما نصيحتك لي وفقك الله؟

الجواب

أرى أن طلب العلم الشرعي أفضل هذه الخيارات؛ لأن الدين لا يقوم إلا بالعلم، والناس اليوم محتاجون إلى العلم الشرعي، محتاجون إلى العلم الراسخ؛ لئلا يهلك العلماء فيتخذ الناس رؤساء جهالاً يفتون بغير علم فيضلون ويضلون، فطلب العلم الشرعي هو أفضل هذه الخيارات عندي، إلا إذا كنت ممن ليس أهلاً للعلم، لأن البعض ليس وعاء للعلم، إما لأنه (كالزنبيل تغرف به الماء) وأنتم تعرفون هذا المثل: (كالزنبيل تغرف به الماء) إذا غرفت الماء بالزنبيل ثم أخرجته من الماء لا يبقى فيه شيء، لأن بعض الناس هكذا ليس عنده حافظة إطلاقاً.

وإما أنه رجل عنده قوة وشجاعة وإقدام وإذا جلس للعلم وجد الكسل والخمول وعدم الانتفاع، في هذه الحال نقول الأفضل إن تذهب إلى جبهات القتال في بلاد المسلمين، وأحق الناس فيما أرى اليوم هم البوسنة والهرسك؛ لأننا متفائلون بانتصارهم على الصرب الطاغي الظالم، وكما تسمعون في الإذاعات ليس هناك نشاط بالنسبة للأمم الكافرة في إيقاف عدوان الصرب، فإذا وجد من يشجع المجاهدين لصد عدوان هؤلاء كان فيه خير كثير.

فالناس يختلفون في الواقع كل إنسان يمكن أن نفتيه بما يكون أنسب لحاله.

ولهذا تجدون أجوبة الرسول عليه الصلاة والسلام لمن كان يستفتيه تختلف بحسب حال الرجل.

جاءه رجل فسأله قال: (يا رسول الله! إني أريد الجهاد، قال: أحيٌّ والداك؟ قال نعم، قال: ففيهما فجاهد) لأن الرسول علم من حاله أن بقاءه عند والديه وبره خير من ذهابه إلى الجهاد، ولعله ليس بذلك الرجل الصالح للجهاد، وعندما تكلم على العموم سأله عبد الله بن مسعود: (أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله) وفي بعض الأحيان يكون الجواب مختلفاً عن هذا حسب حال السائل.