للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تزويج الرجل الفاسق]

السؤال

فضيلة الشيخ: حفظكم الله: إذا تقدم شاب إلى الأب ويريد الزواج بابنته، ولكن هذا الشاب ذو معاص ظاهرة وباطنة، بل إن صلاته قليلة، وهذا الأب ربما استحيا من والد هذا الشاب لأنه أخوه، فما موقف الإخوان لأنهم على فقه بالواقع، ويحرصون على مصلحة أختهم، ولذلك لا يرغبون في زواج هذا الشاب من أختهم، وربما أن الأخت توافق عليه، فهل لهؤلاء الإخوة الوقوف في المواجهة ورد هذا الخاطب، وربما يحصل نزاع بينهم وبين أبيهم وأعمامهم، بينوا الحل المناسب مأجورين وجزاكم الله خيراً؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، خلاصة هذا السؤال أن شخصاً خطب فتاة، وليس بكفء لها من الناحية الدينية، ولكنه قريب منها، وكأن الذي يظهر أن الأب موافق، وأن البنت ستوافق، فهل للإخوة الصالحين أن يمانعوا في ذلك؟ الجواب: أن نعلم أنه ليس من شرط النكاح أن يكون الزوج عدلاً، بل يصح أن يزوج وهو فاسق، لكن من شرط النكاح أن يكون الزوج مسلماً، فإذا كان هذا الخاطب يصلي لكن عنده معاصٍ، فإنه إذا زوج فالنكاح صحيح.

لكن لا نشير على الأب ولا على الفتاة أن تتزوج شاباً على هذا الوصف الذي ذكر في السؤال، لأنها ستتعب معه في دعوته إلى الحق، وستتعب معه في فعلها هي للحق؛ لأنه إذا كان ناقص الدين وهي امرأة ملتزمة فقد يمنعها من أشياء كثيرة في دينها، قد يمنعها من صيام التطوع، وقد يمنعها من صلاة التطوع، وقد يمنعها من قراءة القرآن، وقد يمنعها من اقتناء الكتب النافعة، وقد يمنعها من الاستماع إلى الأشرطة النافعة.

فلذلك نشير على الأب وعلى الفتاة ألا تتزوج مثل هذا، وبإمكان الإخوة الملتزمين أن يقنعوا البنت المخطوبة حتى تمتنع، وإذا امتنعت فإنه لا يحل لأبيها أن يزوجها بابن أخيه مهما كانت الحال، فإن فعل فهو آثم، والنكاح غير صحيح، ولا أرى سبيلاً يمكنهم به دفع هذا الخاطب إلا هذه الطريقة: أن يحاولوا إقناع البنت في رفض الزواج بهذا الخاطب.

فإن قال قائل: أفلا يكون في ذلك قطيعة رحم، لأنه ربما يغضب العم وابن العم ويغضب الأب؟ فنقول: نعم، قد يكون في ذلك قطيعة رحم، وقد لا يكون، لكن تزويجها بهذا الخاطب شر محقق، وقطيعة الرحم غير محققة، حيث قد يرضون بالواقع.

فإن قال قائل: هل يمكن أن يؤجل النكاح حتى يؤخذ على هذا الخاطب تعهد بالالتزام، وينظر مدى التزامه؟ قلنا: هذا يمكن بأن يقال: والله يا فلان نحن لا نريد أن ندفع خطبتك لغرض شخصي لكنه لغرض ديني: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) أي: وإذا أتاكم من لا ترضون دينه وخلقه فلا تنكحوه، فإذا رأينا أنك استقمت واتقيت الله عز وجل، فإننا مستعدون لتزويجك، فينظر ويمهل المدة التي تكفي في اقتناعنا بأنه استقام ثم نعقد له النكاح.