للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شروط وجوب الصوم]

هل الصوم واجب على كل الناس، أو لا بد فيه من شروط؟

الجواب

لا بد فيه من شروط، واعلم يا أخي وأخص طالب العلم: أن من إتقان هذه الشريعة أن جعلت للعبادات ضوابط بحيث لا تجب إلا بشروط ولا تسقط إلا بأسباب.

فشروط وجوب الصيام: ١/ أن يكون مسلماً.

٢/ بالغاً.

٣/ عاقلاً.

٤/ قادراً.

٥/ مقيماً.

٦/ خالياً من الموانع.

الأول: الإسلام وضده الكفر، فالكافر لا نلزمه بالصوم، بل ولا نأمره بالصوم حتى يسلم، لو رأينا كافراً يأكل في البيت في نهار رمضان، لا نقول له شيئاً، ولو خرج إلى السوق نمنعه، لكن في بيته لا نمنعه ولا ننهاه عن الأكل؛ لأنه ليس بمسلم.

الثاني: البلوغ وضد البلوغ الصغر، والبلوغ يحصل بواحد من ثلاثة أمور: ١/ تمام خمس عشرة سنة.

٢/ إنزال المني بشهوة.

٣/ إنبات العانة: وهي الشعر الخشن حول القبل.

وتزيد المرأة بالحيض؛ إذا حاضت ولو لم يكن عمرها إلا عشر سنوات فهي بالغة، والصغير لا يجب عليه الصوم لكن يؤمر به ليعتاده.

الثالث: العاقل وضد العاقل المجنون، وإن شئت فقل: ضد العاقل فاقد العقل؛ ليشمل المجنون والمغمى عليه والمخرف لكبرٍ، فكل هؤلاء لا يجب عليهم الصيام، فلو أن إنساناً حصل له حادث في أول يوم من رمضان وبقي مغمى عليه كل الشهر فإنه لا يقضي إلا اليوم الأول؛ لأن اليوم الأول أدرك أوله وهو صاحٍ والباقي لا شيء عليه؛ لأنه ليس معه عقل، كذلك المهذري ليس عليه صيام؛ لأنه فاقد العقل فلا يلزمه الصيام، كذلك أيضاً لو اختل تفكيره بسبب حادث أو مرض فلا صيام عليه.

الرابع: القدرة وضدها العجز، والعجز إما أن يكون طارئاً يرجى زواله، وإما ألا يرجى زواله، فالذي يرجى زواله نقول للمريض: انتظر حتى يعافيك الله واقض الصوم، والذي لا يرجى زواله كالعجز عن الصوم لكبر أو لمرض لا يرجى برؤه فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً، وقد كان أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كبر يجمع آخر رمضان ثلاثين فقيراً ويطعمهم خبزاً وإداماً عن ثلاثين يوماً.

الخامس: المقيم وضده المسافر، فالمسافر يخير: إن شاء صام، وإن شاء أفطر، والصوم أفضل له إلا أن يشق عليه فالفطر أفضل، لماذا الصوم أفضل؟ أولاً: لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

ثانياً: لأنه أسرع في إبراء الذمة.

ثالثاً: لأنه أيسر للمكلف.

رابعاً: لأنه يصادف شهر رمضان الذي هو شهر الصيام.

لكن إذا شق عليه ولو قليلاً فالفطر أفضل.

السؤال

ما تقولون في رجل: ذهب إلى مكة لأداء العمرة وهو صائم لكنه في أثناء الطواف والسعي عطش وشق عليه، فهل الأفضل أن يبقى صائماً مع المشقة، أو يفطر؟ الجواب: الأولى له أن يفطر، ولما جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في آخر النهار -العصر- قيل: (يا رسول الله! إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنهم ينتظرون ما تفعل، فدعا بماء بعد العصر وشربه والناس ينظرون، فأفطر الناس إلا قليل منهم -كأنهم شحوا باليوم وبقوا ممسكين- فقالوا: يا رسول الله! إن بعض الناس قد صام، قال: أولئك العصاة، أولئك العصاة) لأن الصوم يشق عليهم فلم يقبلوا رخصة الله.

فإن قال قائل: أرأيتم لو كان صائماً ثم سافر في أثناء النهار أيجوز له أن يفطر؟ فالجواب: نعم يجوز له أن يفطر؛ لأنه يصدق عليه قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:١٨٤] .

فإذا قال قائل: أرأيتم لو أنه قدم إلى بلده وهو مفطر في السفر هل يبقى مفطراً أم يمسك إلى غروب الشمس؟ فالجواب أن للعلماء في هذا قولين: أحدهما: أنه يجب عليه أن يمسك مع القضاء.

والثاني: لا يجب عليه أن يمسك؛ لأنه لو أمسك ما نفعه، إذ لا بد من قضاء هذا اليوم، وهذا القول هو الراجح أنه إذا قدم المسافر مفطراً لا يلزمه الإمساك؛ لأنه لا يستفيد من هذا الإمساك شيئاً وليس بصوم.

السادس: الخلو من الموانع، وهذا خاص بالأنثى، فلا تكون حائضاً، فإن كانت حائضاً أو نفساء فلا صيام عليها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم) .

فإن قال قائل: أرأيتم لو حدث الحيض في أثناء النهار أيفسد صومها؟ الجواب: نعم.

أرأيتم لو أنها كانت مفطرة حال الحيض ثم طهرت في أثناء النهار أيلزمها الإمساك؟ فيه قولان للعلماء، فهي كالمسافر الذي قدم مفطراً، والصحيح: أنه لا يلزمها الإمساك، لأنها سوف تقضي هذا اليوم.

ولعلنا نقتصر على هذا القدر، ونسأل الله تعالى أن يخلص لنا ولكم النية، وأن ينفعنا بما علمنا إنه على كل شيء قدير والآن إلى الأسئلة، وتكون بين أهل عنيزة وأهل بريدة وأهل رياض الخضراء.