ثم قال عز وجل:{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}[الطارق:١١-١٢] الواو هنا للقسم مثل ما قال في أول السورة: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}[الطارق:١] أقسم الله بالسماء مرة ثانية ووصفها بأنها ذات رجع أي: ذات مطر، لأن المطر ترجع به الأرض حية بعد موتها، فالسماء تنزل منها الأمطار وترجع به الأرض حية بعد أن كانت ميتة.
{وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}[الطارق:١٢] الأرض ذات الصدع: أي صاحبة الصدع، والصدع هو التشقق؛ لأن الأرض إذا نزل عليها المطر تشققت بالنبات، مطر ينزل وأرض تخرج (تتشقق) .
{وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ}[الطارق:١٢-١٣] إنه: أي القرآن ((لَقَوْلٌ فَصْلٌ)) [الطارق:١٣] أي: يفصل بين الحق والباطل، وبين المؤمن والكافر، وبين المقاتلين المسلمين وأعدائهم، فإنه فصل يفصل وليس فيه هزل ولا فيه تهكم، هو ليس بالهزل بل إنه قول فصل، ولهذا قال:{وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ}[الطارق:١٤] خلافاً للكفار الذين قالوا: {إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}[الأنفال:٣١] .