تفسير قوله تعالى:(وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ.)
ثانياً: قال تعالى: (وهب لنا من ذرياتنا قرة أعين) من الذرية؟ الأولاد من بنين وبنات، لكن الأولاد صغار، البنين والبنات يحتاجون إلى تربية وإلى تهذيب أخلاق، وما أحسن أن يلقاك صبي صغير في سن التمييز تقول: أحفظت شيئاً من القرآن؟ يقول: نعم، اقرأ الفاتحة، يقرؤها عليك، الإنسان يمتلئ قلبه سروراً، وهذا والحمد لله يوجد الآن، يوجد أناس إذا جلس مع أولادهم الصغار درسوهم القرآن، وعلموهم شيئاً من أصول الدين ولو كانوا صغاراً، الصغير لا ينسى، لا ينسى ما سمع ولا ما رأى، علِّم ولدك الذكر أو الأنثى، إذا جلست معه على القهوة على الغداء على العشاء على مجلس سهر علمه أدبه، قل له: يا بني كذا، يا بنتي كذا.
كذلك أيضاً علمه الصدق، لا تعده موعداً فتخلفه، إذا وعدته موعداً فأخلفته استسهل الكذب، واستسهل إخلاف الوعد، لو قلت: تعال يا ولد، أريد أن أعطيك حلوى، وأدخلت يدك في جيبك على أنك تريد أن تعطيه حلوى، ثم إذا جاء أمسكته إما تريد أن تضربه أو ما تعطيه شيئاً، ماذا يكون رد الفعل في نفسه؟ سيكون شديداً، وسيتعود الكذب، ولذلك يخطئ بعض الناس إذا صاح الصبي قال: اسكت، اسكت، تريد حلوى؟ الصبي يسكت مباشرة؛ لأن الحلوى عنده من أغلى شيء، إذا سكت قال: لا يوجد حلوى وهذه الحلوى عنده هل هذا صواب؟ لا، لكن إذا لم يكن معك حلوى تفي بوعدك تقول: اسكت يا ولد، الصياح ليس طيباً، وقل له كلاماً يكون حقاً.
وكذلك أيضاً أمرهم بالصلاة: متى نأمرهم بالصلاة؟ لسبع، قبل السبع لا تأمرهم، إن صلوا فمن أنفسهم فذاك المطلوب، ولا تمنعهم، لكن لا تأمرهم لأنك لست أحكم من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يأمرنا أن نأمرهم إلا لسبع إلى العشر، فإذا أتموا عشراً فحينئذٍ يُضربون لكن ليس ضرباً مبرحاً، وليس كضرب البالغ منهم، بل ضرباً يحسون باهتمامك بالصلاة، ولكل مقام مقال، والصبيان يختلفون، فبعضهم عنده شعور قوي بمجرد ما تنهره أو تأمره يمتثل، وبعضهم عنيد لا يزداد بمثل ذلك إلا نفوراً منك، فلكل مقام مقال.