للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظاهرة الانهزامية في التمسك بالد~

الجواب

ين

السؤال

فضيلة الشيخ! أنا شاب ملتزم -ولله الحمد- ولكني أعاني من انهزامية شديدة، وأحس كأن عيون الناس تراقبني بعين الازدراء والسخرية، حيث إن ثوبي قصير وشخصيتي شخصية متدين، فما نصيحتك لي؟ وما نصيحتك لمن يزدري أمثال أولئك؟

الجواب

أولاً: ينبغي للإنسان أن يكون قوياً بدينه عزيزاً به، ما دام متمسكاً بدين الله حق التمسك فلا يهمنه أحد، وليعلم أنه لم يسلم أحدٌ من هذا؛ حتى رب العالمين جل وعلا كذبه بنو آدم وشتموه، قالوا: إن الله لا يقدر على أن يعيد الموتى، وهذا تكذيب، وقالوا: إن له ولداً، وهذا شتم، والنبي صلى الله عليه وسلم ما سلم من الناس، لا هو ولا غيره من الرسل، وكل إنسان مؤمن سيكون له عدو من المجرمين، كما قال عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ} [الفرقان:٣١] فما دمت -يا أخي- على حق فاعتز بالحق الذي أنت فيه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون:٨] حتى لو قال لك الشيطان: إن الناس يزدرونك.

فقل: الحمد لله، إذا ازدروني على ديني فأنا فوقهم في هذا الدين.

أما مسألة اللباس القصير، فاللباس القصير ليس هو الميزان، بل إن الميزان الأخلاق واتباع السنة، وبالنسبة للثوب الصحابة رضي الله عنهم كانت ثيابهم إلى الكعب، بل إن الحديث يدل على جواز لبس الثوب إلى الكعب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرتب العقوبة إلا على ما كان أسفل من الكعبين، وأنا أرى الناس ينفرون من صاحب الثوب الذي إلى نصف الساق أو لا يقبلون منه النصيحة، بعض الناس -والعياذ بالله- لا يقبل النصيحة ممن ثوبه إلى نصف ساقه، فما دام الأمر واسعاً فأكف الناس عن عرضي، وأتمتع بما أحل الله، ورب مفضول يكون أفضل.

أما بالنسبة لمن يكره هؤلاء أو يستهزئ بألبستهم فننظر: هل قصده كراهة ما هم عليه، أم كراهتهم هم أنفسهم؟ إن كان قصده كراهة ما هم عليه من الحق، فهذا خطر، وقد يكون ردة عن دين الإسلام، وإن كان كارهاً لهم هم بأنفسهم؛ فهذا لا يكون ردة، لكنه مع ذلك يجب أن يصبر نفسه.

وأضرب لكم مثلاً: لو أن رجلاً عالماً موثوقاً عند الناس محبوباً إليهم جعل ثوبه إلى نصف ساقه، ولا حاجة إلى التمثيل بالشخص، وآخر ليس له ذكر عند الناس ومغمور جعل ثوبه إلى نصف ساقه، فهل تكون النفس قابلةً للأول دون الثاني، أم هم على حد سواء؟ الأول تقبله أكثر من الثاني، وربما تقتدي به أيضاً، لذلك يجب على الإنسان أن يعرف قدر نفسه بين الناس، وما دام الأمر واسعاً والحمد لله فلا يكلف نفسه ما ليس بواجب، وفيه نفور الناس عنه وعدم قبول نصيحته إياهم.