فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ذكرتم أن غسل الجمعة واجب على كل محتلم.
فإذا كان الشاب فيه زكام وخشي مضاعفة الزكام فماذا يفعل؟
الجواب
أولاً: تعبيرك هذا غلط غلط غلط، أن تقول: ذكرت، وأنا ما ذكرت أنا أقول: قال الرسول عليه الصلاة والسلام، وفرق بين قولي: ذكرت، وبين قولي: قال الرسول، فصواب العبارة أن تقول: إنكم سقتم الحديث وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) والله عز وجل يعلم أني لو لم أر في هذا الحديث وجوب غسل الجمعة ما قلت للناس: اغتسلوا، وكيف ألزم الناس بما يلزمهم في دين الله؟! الإنسان يخشى ربه قبل أن يخشى خلقه، هذا شيء واجب علينا أن نبلغه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(غسل الجمعة واجب على كل محتلم) فكلمة (واجب) لو صارت في كتاب من كتب المؤلفين من الرجال، لقيل: إن المؤلف يرى وجوب غسل الجمعة، فكيف وقد صدر من أعلم الخلق بشريعة الله وأنصح الخلق لعباد الله، وأفصح الخلق في القول والمقال، هذا أمر واضح أنه واجب.
أما إذا كان الإنسان مريضاً بزكام أو غيره ويخشى من استعمال الماء فلا شيء عليه؛ لأن لدينا قاعدة من الله عز وجل وهي:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦] و {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦] ويروى وهو ضعيف: أن قوماً خرجوا في سرية فجرح أحدهم فاحتلم، فقال لقومه: ألا أتيمم؟ قالوا: لا نجد لك رخصة، الماء بين يديك، فاغتسل فدخل الماء جرحه فمات، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال) والله عز وجل قال: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}[النساء:٢٩] ، ولما أجنب عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو في سرية مع قومه تيمم ولم يغتسل وصار إمامهم، فلما وصلوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أخبروه، فقال:(أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله عز وجل: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}[النساء:٢٩] فخفت على نفسي من البرد، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه) تقريراً لهذا، وفرحاً يكون هذا الرجل يفهم من كتاب الله ما أراده الله عز وجل، وإلا لو كان رجلاً بسيطاً لقال: إن الله قال: (لا تقتلوا) وأنا ما قتلت نفسي، أنا خفت عليها من البرد، والبرد ليس قتلاً على كل حال، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم إقراراً وتقريراً لهذا الرجل وفرحاً بكونه فهم من كتاب الله عز وجل هذا الفهم، فرح الرسول أن أمته فهمت كلام ربها.
ونحن -والله- نفرح كما فرح الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن كان بين الفرحين مثل ما بين المشرق والمغرب، لكننا نفرح أن يفهم العامة وطلاب العلم من كتاب الله ما أراده الله تعالى بكلامه.
فإذا كان هذا الرجل مزكوماً ويخشى أنه إن خلع ثيابه أصابه الهواء وتأثر أو تأخر برؤه فقد عفا الله عنه.