كان لي أخ يصلي مرة ويترك عشرات، بل أحياناً تمضي الأشهر دون أن يصلي، فإذا نصح صلى ثم ترك، ثم قدر الله وحدث له حادث مروري فتوفي في هذا الحادث، فصلينا عليه ونحن نترحم عليه الآن، فهل يجوز هذا، وهل يعتبر مسلماً علماً بأنه يبلغ قريباً من العشرين، علماً بأننا قد وجدنا في سيارته أشرطة إسلامية كان يسمعها وكان يزور المقابر؟
الجواب
أولاً: نسأل ما هو آخر أمره أكان يصلي؟ إن كان الأمر كذلك فهذه من نعمة الله عليه، وختام عمره بالصلاة يعتبر توبة، أما إذا كان آخر أمره الترك فإن من مات تاركاً للصلاة فقد مات كافراً، ولا يجوز أن يصلى عليه، ولا يدعى له بالرحمة ولا بالمغفرة، فلا بد أن نحقق هذا الأمر، هل كان آخر أمره الصلاة أم كان آخر أمره ترك الصلاة؟ فإن شككنا فإننا نقول: اللهم إن كان فلان مات على الإسلام فاغفر له وارحمه، قيد المسألة واشترط، وتقييد الدعاء بقيد له أصل، يدل عليه قول الله تبارك وتعالى في الذي يرمي زوجته بالزنا:{فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}[النور:٦-٧] هذا شرط، دعا على نفسه باللعنة بشرط أن يكون من الكاذبين، {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[النور:٨-٩] .
هذا الذي مات ونحن لا ندري هل مات على الإسلام أو على الكفر، لنا أن نقول: اللهم اغفر له إن كان مات على الإسلام، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنام فسأله -أي: شيخ الإسلام سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن مسائل مشكلة عليه، فأجابه النبي عليه الصلاة والسلام، ومنها أنه قال: يا رسول الله، إنه يقدم إلينا جنائز من المبتدعة وغيرهم، لا ندري من المسلم من غير المسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: عليك بالشرط يا أحمد - أحمد اسم ابن تيمية - ما معنى: عليك بالشرط؟ أن تقول: اللهم إن كان مؤمناً فاغفر له وارحمه.