للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بعض أحكام الجماعة الثانية في المسجد]

السؤال

قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من يتصدق على هذا؟) لمن فاتته الصلاة، المتصدق هل يكون إماماً أو مأموماً، وهل يتم الصلاة كاملة، أم يصلي ركعتين، وهل يصح ذلك في أوقات النهي، مثلاً بعد صلاة العصر لمن فاتته العصر؟

الجواب

أولاً: لا بد أن نعلم أن إعادة الجماعة في مسجد أقيمت فيه الجماعة تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: أن يكون ذلك على وجه الاستمرار، بحيث يكون في هذا المسجد جماعتان دائماً، فهنا نقول: إن الجماعة الثانية بدعة؛ لأن المطلوب من الأمة الإسلامية أن تجتمع على إمام واحد.

القسم الثاني: أن تكون الجماعة الثانية عارضة، يعني ليست باستمرار، فهذه الجماعة مشروعة، ومن قال إنها بدعة فقد أخطأ، فإذا دخل المسجد جماعة قد فاتتهم صلاة الجماعة الأولى فإنهم يصلونها جماعة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله) .

ولأن رجلاً دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه وقد انتهت الصلاة فقال: (ألا رجل يقوم إلى هذا فيتصدق عليه فيصلي معه، فقام أحد الصحابة فصلى معه) .

إذاً: هذه الجماعة التي كانت بعد الجماعة الأولى بدون أن تكون باستمرار جماعة مطلوبة، وليست بمكروهة ولا محرمة ولا بدعة.

وأما سؤال السائل: هل يكون المتصدق إماماً أو مأموماً؟ فميزان هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) فإن كان الذي قام ليتصدق أقرأ لكتاب الله من الرجل الداخل، فليكن هو الإمام، وإن كان الثاني -أعني الداخل- أقرأ من الذي قام ليتصدق عليه فإنه يكون هو الإمام، وإن تساوى الرجلان أو تقاربا، فإن الإمام هو الداخل، فيكون المتصدق مأموماً بالداخل، ليكون متنفلاً خلف من يصلي الفريضة، ولا حرج أن يكون الداخل مأموماً والمتصدق إماماً؛ لأن القول الراجح أن صلاة المفترض خلف المتنفل جائزة، ودليلها فعل معاذ بن جبل رضي الله عنه، حينما كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم هذه الصلاة، فهي له نافلة ولهم فريضة.

وأما سؤال السائل: هل يتم الصلاة معه أو يقتصر على ركعتين؟ فجوابه: أنه يتم الصلاة معه، حتى لو كانت صلاة المغرب، فإنه يصليها ثلاثاً كحال الداخل.

وأما سؤال السائل: هل يصلي هذه النافلة في وقت النهي؟ فالجواب: نعم.

يصليها في وقت النهي؛ لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم: (أن كل نفل له سبب فإنه لا نهي عنه) .

ففعل ذوات الأسباب في أوقات النهي جائز، لأن السنة وردت بمثل ذلك.