للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أحكام التيمم]

يقول عز وجل: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [المائدة:٦] إذا لم نجد الماء وعلينا وضوء أو غسل فعلينا بالتيمم، بأن نتيمم صعيداً طيباً، والمراد بالطيب هنا: ضد الخبيث، والخبيث يعني: النجس، أي صعيد نتيمم به؟ هل لا بد أن يكون الصعيد فيه تراب؟ الآية مطلقة: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّبا} [المائدة:٦] المهم أن يكون طاهراً سواء كان فيه تراب، فيه غبار أم لا، فمثلاً: لو أن الأرض أمطرت وصارت ندية ليس فيها تراب، أيجوز التيمم عليها؟ نعم يجوز.

أرض رملية ليس فيها إلا رمل نقي ليس فيه غبار، هل يجوز أن يتيمم عليها؟ نعم.

أرض صخرية ليس فيها إلا حجارة نظيفة، الرياح قد أزالت عنها الغبار، يجوز التيمم عليها؟ نعم.

لأن الله تعالى قال: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [النساء:٤٣] ولم يقيده بشيء إلا أنه طيب، وجاءت السنة موافقةً للقرآن في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته) .

كيفية التيمم سهلة يا إخوان: التيمم تعبد لله عز وجل بتعفير الوجه واليدين بالتراب أو بما هو مظنة التراب ليكون بذلك متطهراً، فكم أعضاء التيمم؟ التيمم له عضوان فقط هما: الوجه واليدان؛ لأن أهم شيء في التيمم التعبد لله عز وجل، وإلا فمن المعلوم أن الإنسان ليس يرى طهارةً حسية بالتيمم لكن والله فيه طهارة معنوية، ما هي؟ طهارة القلب والتذلل لله تبارك وتعالى بالتعبد له، لو أن أكبر ملوك الدنيا قال لك أو لأحد منكم: اضرب الأرض بيديك وامسح بهما وجهك تعظيماً لي، أتطيعونه؟ لا والله، والله لا نطيعه، لو يقطعنا لحما، لكن ربنا عز وجل لما قال لنا هذا قلنا: سمعنا وأطعنا، سمعاً وطاعة؛ ولذلك لما كان المقصود التعبد اختص التطهير بهذين العضوين: الوجه؛ لأنه أشرف من الرأس، واليدين؛ لأنهما أشرف من الرجلين.

والإنسان إذا تعبد لله عز وجل بتعفير هذين العضوين الأكملين فتعفير ما دونهما من باب أولى، ولذلك اختص التيمم بهذين العضوين وهما: الوجه والكفان.

كم مرة تمسحها؟ مرة واحدة؛ لأني أعطيتكم قبل قليل قاعدة مفيدة وهي: أن الممسوح لا يكرر مسحه.

تبدأ بالتيمم بالوجه أو باليدين؟ بالوجه؛ لأن الله تعالى بدأه فقال: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة:٦] ولقد أعطانا إمامنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قاعدة مفيدة، لو وجدتها - أيها الإنسان - في كتاب لاتبعتها وقلت: ما أظرف صاحب الكتاب.

ماذا أعطانا؟ (لما أقبل على الصفا بعد الطواف بالبيت ودنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:١٥٨] وقال: أبدأ بما بدأ الله به) سبحان الله! فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى قاعدة وهي البداءة بما بدأ الله به، هنا في التيمم بدأ الله بماذا؟ بالوجه، قال: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:٦] فلو بدأ المتيمم بيديه ثم وجهه أيكون ممتثلاً لأمر الله؟ بناء على القاعدة التي أصلها الرسول عليه الصلاة والسلام لا يكون ممتثلاً، لكن العلماء رحمهم الله ولا سيما الفقهاء منهم أهل القياس قالوا: يجب أن نبني طهارة التيمم على طهارة الماء، فما يشترط فيه الترتيب من طهارة الماء يشترط فيه الترتيب في طهارة التيمم، أفيدوني ما الذي يشترط فيه الترتيب من طهارة الماء؟ الوضوء - يا إخواني - أن تغسل الوجه أولاً ثم اليدين ثم الرأس ثم الرجلين، لكن الغسل ليس فيه ترتيب، اغسل أي شيء منك قبل الثاني فلا يضر.

العلماء من أهل القياس قالوا: نقيس طهارة التيمم على طهارة الماء، فالتيمم عن الجنابة لو أخل فيه بالترتيب لم يضر، والتيمم عن الوضوء لا بد فيه من الترتيب؛ لكن لا شك أن الأحوط للإنسان سواء في طهارة الجنابة أو في طهارة الوضوء أن يرتب فيبدأ بالوجه أولاً ثم باليدين ثانياً.

هل يمسح اليدين من أطراف الأصابع إلى المرفقين؟ لا.

لأن الله لما أراد المرفقين، لما أراد أن تكون غاية المرفقين قيد فقال في الوضوء: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة:٦] في التيمم ما قال: إلى المرافق، إذاً التيمم إلى الكفين فقط بدون زيادة، لو أراد الإنسان أن يزيد ومسح الذراع بالتيمم قلنا: هذا بدعة، وإن قال به بعض العلماء لكن كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.