للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من أحكام الحج]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد أيها الإخوة: فهذا هو اللقاء الأول الذي نلتقي به بعد شهر رمضان، هذا اللقاء الذي كان بعد شهر رمضان لقاء بعد عمل، قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر الله له ما تقدم من ذنبه) وأرجو أن نكون جميعاً ممن صامه وقامه إيماناً واحتساباً حتى يحصل لنا هذا الخير الكثير، أن يغفر لنا ما تقدم من الذنوب، ونسأل الله تعالى أن يقينا من الذنوب بعد هذا الخلاص منها، فإن الإنسان إذا خلص من الذنوب أصبحت صحيفته بيضاء، وأصبح قلبه منيراً، وحسنت أعماله، فإن ثبت على ذلك كان دليلاً على قبول الله سبحانه وتعالى لعمله، وإن كانت الأخرى فليتب إلى الله عز وجل وليصلح ما بقي لعله يستدرك ما مضى.

ثم إن الله تعالى بحكمته ورحمته جعل بعد هذا الشهر مباشرة شهور الحج إلى بيت الله، والحج إلى بيت الله قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: (من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه) أي من الذنوب؛ خالصاً منها، نقياً منها، كما أنه حين خرج من بطن أمه ليس له ذنب، فهو يرجع من الحج وليس له ذنب، وبهذا نعلم أن الله سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها، فما انقضى شهر الصيام الذي يكون سبباً لمغفرة الذنوب حتى جاءت شهور الحج التي هي -أيضاً- سبب لمغفرة الذنوب، وإننا في هذا اللقاء نتكلم يسيراً عن شيء مما يتعلق بالحج.