ومما يشبّه من خلق الفرس بخلق الظبي طول وظيفي رجليه وتأنيف عرقوبيه، والتأنيف: التحديد، ولذلك قَالَ أَبُو دواد:
طويلٌ طامح الطّرف ... إِلَى مفزعة الكلب
حديد الطرف والمنكب والعرقوب والقلب لأن حدّة العرقوب تستحبّ من الفرس وهو من الظبي كذلك، وتستحب حدّة القلب والطّرف والمنكب، ويستحب سموّ الطّرف، ومما يشبّه أيضاً من خلق الفرس بخلق الظبى عظم فخديه وكثرة لحمهما، وعرض وركيه، وشدّة متنيه، وإجفار جنبيه أي: إنتفاخهما، ولذلك قَالَ أَبُو النجم:
منتفخ الجوف عريضٌ كلكله
وقصر عضديه ونجل مقلتيه، ولحوق أياطله، ولذلك قَالَ امرؤ القيس:
له أيطلا ظبيٍ وساقا نعامةٍ ... وإرخاء سرحانٍ وتقريب تتفل
والسّرحان: الذئب، ويقَالَ: إنه أحسن الدوابّ تقريباً، والتقريب: أن يرفع يديه معاً ويضعهما معاً.
ومما يشبّه من خلق الفرس بخلق حمار الوحش غلظ اللحم وتعييره، والتعيير: أن يجتمع اللحم عَلَى رءوس العظام فيصير كالعير الذي فِي وسط نصل السّهم وهو الناشز فِي وسطه، وكذلك عير الكتف الناشز فِي وسطه، وظماء فصوصه وسراته وهو أعلى ظهره، ولذلك قَالَ الشاعر:
له متن عيرٍ وساقا ظليم
وتمكّن أرساغه وتمحيصها، والتمحيص ألا يكون عَلَى قوائمه لحم، ولذلك قَالَ الشاعر:
وأحمر كالدّيباج أما سماؤه ... فرياّ وأما أرضه فمحول
سماؤه: أعاليه، وأرضه: قوائمه، وعرض صهوته، والصّهوة: موضع الّلبد من الفرس حيث الراكب، وصهوة كل شيء: أعلاه، ولذلك قَالَ امرؤ القيس:
له أيطلا ظبيٍ وساقا نعامةٍ ... وصهوة عيرٍ قائم فوق مرقب