ويستحب من الفرس طول الذّنب فِي كثرة شعر، ولذلك قَالَ طفيلٌ الغنويّ:
وأذنابها وحفٌ كأنّ ذيولها ... مجر أشاء من سميحة مرطب
ويستحب غلظ الأرساغ، ولذلك قَالَ الجعدي:
كأنّ تماثيل أرساغه ... رقاب وعولٍ عَلَى مشرب
ويستحبّ عرض الصدر مع دقة الزّور وهو الجؤجؤ، ولذلك قَالَ امرؤ القيس:
له جؤجؤ حشر كأنه لجامه ... يعالي به فِي رأس جذعٍ مشذّب
فوصفه بدقّة الزّور وطول العنق، ويستحبّ من الفرس أن يكون إذا استدبرته كالمنكب، وإذا استقبلته كالمقعي، وإذا استعرضته مستويا،
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍِ، رحمه الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حاتم، عَنِ الأصمعي، قَالَ: أَخْبَرَنِي عصام بن خليفٍ السّلمى، قَالَ: قَالَ ابن أقيصر: خير الخيل الذي إذا استدبرته جنأ وإذا استقبلته أقعى، وإذا استعرضته استوى، وإذا مشى ردى، وإذا عدا دحا، فالرّديان أن يرجم الأرض رجماً بين المشي الشديد والعدو، وإذا رمى بيديه رمياً لا يرفع سنبكه عَنِ الأرض، قيل: مرّ يدحو دحواً
وبهذا الإسناد، قَالَ: حَدَّثَنِي بعض أهل العلم أن عبد الرحمن الثقفي بن أم الحكم ابنة أبي سفيان، وكان عَلَى الكوفة، أرسل ألف فرس فِي حلبة فعرضها عَلَى ابن أقيصر أحد بني أسد بن خزيمة، فقَالَ: تجىء هذه سابقةً، فسألوه، ما الذي رأيت فيها؟ قَالَ: رأيتها مشت فكتفت، وخبت فوجفت، وعدت فنسفت، قَالَ: فجاءت سابقة: قوله: مشت فكتفت أي حرّكت كتفيها، والكتف: المشي الرّويد، قَالَ الشاعر:
قريح سلاحٍ يكتف المشي فاتر
والوجيف: ضرب من السير فيه بعض السّرعة وهو دون الشّدّ، يُقَال: وجف يجف وجيفاً، ومثله الوضع، يُقَال: وضع يضع وضعاً، قَالَ الأصمعي: قيل لرجل أسرع: كيف كنت فِي سيرك؟ قَالَ كنت آكل الوجبة، وأنجو الوقعة، وأعرّس إذا أفجرت، وأرتحل إذا أسفرت، وأسير الوضع، وأجتنب الملع، فجئتكم لمسى سبع أي لمساء سبع ليال، فالملع: أرفع من الوضع، ونسفت: أدنت سنبكها من الأرض فِي عدوها، يُقَال للفرس: إنه لنسوف السنبك.