تبيين الحقائق (٤ / ٢٥٤)
وهو أي التوكيل مشروع بإجماع الإمة. وقد وكل رسول الله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام بشراء ضيحة وقال الله تعالى حكاية عن أصحاب الكهف {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة} وكان البعث منهم بطريق الوكالة , وشريعة من قبلنا شريعة لنا ما لم يظهر نسخه ولأن الإنسان قد يعجز عن مباشرة التصرفات وعن حفظ ماله , فيحتاج إلى الاستعانة بغيره أشد الاحتياج , فيكون مشروعا دفعا للحرج.
المغني (٧ / ١٩٦)
كتاب الوكالة: وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقول الله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها} فجوز العمل عليه , وذلك بحكم النيابة عن المستحقين. وأيضا قوله تعالى {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه} وهذه وكالة.
وأما السنة فروى أبو داود والأثرم وابن ماجة عن الزبير بن الخريت عن أبي لبيد لمازة بن زبار عن عروة بن الجعد قال: عرض للنبي صلى الله عليه وسلم جلب , فأعطاني دينارا , فقال: يا عروة ائت الجلب , فاشتر لنا شاة. قال: فأتيت الجلب فساومت صاحبه , فاشتريت شاتين بدينار , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالدينار وبالشاة. فقلت: يا رسول الله , هذا ديناركم , وهذه شاتكم. قال: وصنعت كيف؟ قال: فحدثته الحديث. قال: اللهم بارك له في صفقة يمينه. هذا لفظ رواية الأثرم. وروى أبو داود بإسناده عن جابر بن عبد الله. قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إني أردت الخروج إلى خيبر فقال: ائت وكيلي , فخذ منه خمسة عشر وسقا , فإن ابتغى منك آية , فضع يدك على ترقوته. وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه وكل عمرو بن أمية الضمري في قبول نكاح أم حبيبة وأبا رافع في قبول نكاح ميمونة.
وأجمعت الأمة على جواز الوكالة في الجملة. ولأن الحاجة داعية إلى ذلك , فإنه لا يمكن كل واحد فعل ما يحتاج إليه , فدعت الحاجة إليها.
أحكام القرآن لابن العربي (٣ / ١٢١٦)
الوكالة عقد نيابة أذن الله فيه للحاجة إليه وقيام المصلحة به , إذ يعجز كل أحد عن تناول أموره إلا بمعونة من غيره , أو يترفه فيستنيب من يريحه , حتى جاز ذلك في العبادات لطفا منه سبحانه وتعالى ورفقا بضعفة الخليقة.
مراجع إضافية
انظر مغني المحتاج (٢ / ٢١٧) , شرح منتهى الإرادات (٢ / ٣٠٠) , تكملة فتح القدير (٧ / ٤) , المهذب (١ / ٣٥٥) .