وفي الاصطلاح الشرعي قسمها القاضي أبو الوليد بن رشد إلى قسمين:
أمانة بين العبد وربه , وأمانة بين العباد. فأما الأمانة التي بين العبد وخالقه: فهي الأمانة في الدين , أي الفرائض التي افترضها الله على عباده , وهي التي عرضها سبحانه وتعالى على السموات والأرض والجبال , فأبين أن يحملنها شفقا منها وخوفا ألا تقوم بالواجب لله فيها , وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا.
وأما الأمانة التي بين المخلوقين: فهي التي يأتمن الناس بعضهم بعضا فيها.
وقد أمر الله تعالى بأدائها إلى أهلها , سواء أكانوا أبرارا أم فجارا. وهذه الأمانة وردت على لسان الفقهاء بمعنيين:
(أحدهما) بمعنى الشيء الذي يوجد عند الأمين , سواء أكان أمانة بقصد الاستحفاظ كالوديعة , أم كان أمانة ضمن عقد كالمأجور ومال , الشريك وعامل المضاربة , أم دخل بطريق الأمانة في يد شخص بدون عقد ولا قصد كما لو ألقت الريح في دار أحد مال جاره , فحيث كان ذلك بدون عقد فلا يكون وديعة , بل أمانة.
(والثاني) بمعنى الصفة فيما يسمى ببيع الأمانة , كالمرابحة والتولية والوضيعة والاسترسال. وفي الولايات , سواء كانت عامة كالقاضي أم خاصة كالوصي وناظر الوقف , أو فيمن يترتب على كلامه إلزام الغير كالشاهد.