الضرورة في اللغة اسم من الاضطرار , وهو الإكراه والإلجاء.
أما في الاصطلاح الفقهي: فهي الحالة الملجئة لاقتراف الممنوع أو ترك فعل المطلوب , بحيث يغلب على ظن المكلف أنه إن لم يرتكب المحظور هلك أو لحقه ضرر جسيم ببدنه أو ماله أو عرضه , مما يجعله فاقد الرضا بما يأتي , وإن اختاره لمفسدته المرجوحة. وقد جعل الشرع هذه الحالة الاستثنائية رافعة للحكم التكليفي الأصلي بطلب الفعل أو الترك , قال تعالى:(وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه)(الأنعام: ٩١١)(فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه)(البقرة: ٣٧١) وعلى ذلك جاء في القواعد الفقهية (الضرورات تبيح المحظورات) و (ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها) .
ولا يخفى أن الضرورات التي عرضنا مفهومها هي غير ما يسمى عند الأصوليين عند كلامهم على مقاصد الشريعة - (بالضروريات) التي تجب المحافظة عليها لأنها قوام مصالح الدين والدنيا , بحيث لو انخرمت لآلت أمور الناس إلى فساد وتهارج في الدنيا , مع فوت النجاة والنعيم في الآخرة , والتي هي قسيم الحاجيات والتحسينيات , لأن الأولى هي الظروف الطارئة الملجئة التي جعلها الشارع مناطا للتخفيف عن المكلف ورفع الإثم عنه استثناء , بينما الثانية هي عماد مصالح الدين والدنيا التي طلب الشارع من المكلف تقيتها وتكميلها والمحافظة عليها أصالة , وهي الدين والنفس والعقل والعرض والنسل والمال.