[السلم الموازي]
إن السلم كما كان بالغ الأهمية كباب من المداينات في العصور التي خلت والأزمان التي سلفت , فإنه يعد في عصرنا الحاضر أداة تمويل (ائتمان) ذات كفاءة عالية في الاقتصاد الإسلامي وفي نشاطات المصارف الإسلامية من حيث مرونتها واستجابتها لحاجات التمويل المختلفة , سواء أكان تمويلا قصير الأجل أم متوسطة أو طويلة , واستجابتها لحاجات شرائح مختلفة ومتعددة من العملاء , سواء أكانوا من المنتجين الزراعيين أو الصناعيين أو المقاولين أم من التجار , واستجابتها لتمويل نفقات التشغيل والنفقات الرأسمالية الأخرى. وعلى هذا فمجالات تطبيق هذه العقد متعددة.
ولا يخفي أن خاصية عقد السلم وهي كونه عقدا على موصوف في الذمة (منضبط بمواصفات محددة طبقا لمقاييس دقيقة معروفة) تجعل نطاقه شاملا للمنتجات الزراعية كالحبوب والزيوت والألبان والمنتجات الصناعية كالحديد والأسمنت والسيارات والطائرات ومنتجات المواد الخام أو نصف المصنعة كالنفط والكلنكر وغيرها.
ويمكن للمسلم (المشتري) فيما بين تاريخ عقد السلم وتاريخ قبض المسلم فيه أن يكون مسلما إليه (بائعا) في سلعة مماثلة وبشروط مماثلة لشروط عقد السلم الأول الذي أبرمه أو بشروط معدلة , وهو ما يعبر عنه بالسلم الموازي.
فالمصرف الإسلامي يمكنه أن يستخدم هذا الأسلوب المعاصر , فهو بصفته مشتريا في عقد سلم أول يحصل على السلعة التي يريد المتاجرة بها في الوقت الذي يريده , فتنشغل بها ذمة البائع الذي يجب عليه الوفاء بما التزم به , كما أن المصرف يستفيد من رخص السعر إذ إن بيع السلم أرخص من بيع الحاضر غاليا فيأمن بذلك تقلب الأسعار. ويستطيع هذا المصرف أن يعقد سلما موازيا , فيبيع بعقد سلم جديد بضاعة من نفس النوع الذي اشتراها بالسلم الأول دون ربط بين العقدين.
ونذكر المثال التالي لذلك:
يوجد مصنع ياباني لسحب وتشكيل قضبان الحديد يحتاج إلى تمويل لشراء كتل الحديد اللازمة , ويحصل عادة على التمويل اللازم من البنك بالفائدة لأجل يمتد حتى تاريخ تسويق منتجاته.
ففي مثل هذه الحال يقوم المصرف الإسلامي بعرض التمويل اللازم على أساس عقد السلم , فيأخذ مقابل التمويل المنتجات المصنعة من قضبان الحديد , وتبرمج مواعيد وأمكنة التسليم , ويتفق مثلا أن يكون التسليم في ميناء التصدير أو سيف ميناء الاستيراد.
وفيما بين تاريخ إبرام العقد وتاريخ التسليم يمكن للمصرف الإسلامي أن يجري عقدا أو عقودا سلم مع مستثمرين آخرين , يكون المصرف فيها في موقف المسلم إليه (البائع) , حيث يلتزم بتوريد قضبان حديد مماثلة لقضبان الحديد التي أبرم عقد السلم عليها من المصنع , وذلك بشروط مماثلة لعقده مع المصنع أو بشروط معدلة.