للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تختلف إجارة الأراضي الزراعية عن المزارعة في الوصف الفقهي , فالمزارعة مشاركة وإجارة الأرض الزراعية معاوضة بين منفعة الأرض وبين الأجرة المحددة.

ويصح إيجار الأراضي الزراعية بشرط تعيين المدة , وبيان ما يزرع فيها أو تخيير المستأجر بأن يزرع ما شاء.

إذا كان المستأجر حرا في زراعة ما شاء فله أن يزرع الزراعة الصيفية والشتوية. ولكن عليه استغلال الأراضي الزراعية بحسب المعتد أو المألوفي , وعليه أيضا إبقاء الأرض صالحة للإنتاج , وليس له إحداث تغيير في طريقة الانتفاع بها , يبقى أثره إلى ما بعد انقضاء الإيجارة.

وإذا انقضت مدة إيجار الأرض والزرع لم يدرك بعد , فإن كان السبب هو تقصير المستأجر بأن زرع زرعا لم تجر العادة بكامله في حدود المدة المتفق عليها , كان غاضبا لأرض غيره , لأنه أبقى على زرعه فيها بعد انقضاء المدة , ويكون للمالك الخيار بين أن يأخذ الزرع بقيمته ويسن أن يتركه للمستأجر , مع دفع الأجرة عن المدة التي يبقى فيها الزرع في الأرض. أما إذا كان بقاء الزرع بالأرض , بعد انتهاء المدة , قد حدث بغير تفريط من المستأجر كبرد أو قلة ماء مثلا , كان له الحق ي إبقاء زرعه بالأرض , حتى ينتهي نضجه , ويقدم للمالك اجر المثل عن المدة الزائدة.

وتطبق على هذه الإجارة أحكام الصيانة بنوعيها: ما تتوقف عليه المنفعة فهو على المؤجر. وعلى المستأجر إجراء الإصلاحات التي يقتضيها الانتفاع المعتاد بالأرض وصيانة آلات السقي والمصارف والطرق والقناطر والآبار , ما لم يوجد اتفاق أو عرف بغير ذلك.

ولا يصح إجارة منجزة (فورية) لأرض مشغولة بزرع آخر غير مدرك وكان مزروعا بحق. ويصح إجارة الأرض المشغولة بالزرع إجارة مضافة إلى وقت في المستقبل , وتكون الأرض فيه خالية من الزرع.

وتجوز إجارة الأرض المشغولة بالزرع , بشرط قلعة أو قطعة , وتختلف كيفية إزالة شغل الأرض حسب الوصف الفقهي للشغل:

(١) إذا كانت الأرض مزروعة بحق: بأن كان الزارع مالكا , والزرع مدركا حين الإيجار , بأن أصبح ناضجا قابلا للحصاد فإنه يقطع , فإذا لم يكن مدركا لم تصح الإجارة.

(٢) إذا كانت الأرض مزروعة بغير حق: بأن كان الزارع غاضبا , فإنه يقطع الزرع سواء أدرك أو لم يدرك , وتكون الأولوية لصحة الإجارة.

وعلى المستأجر دفع الأجرة إذا هلك الزرع قبل حصاده بسبب لا يد له فيه كحرق وغرق ولفحة حرا وبرد شديد , وذلك بقدر ما مضى من المدة قبل هلاك الزرع , وسقط عنه الباقي. تعذر الاستفادة من الأرض للمستأجر فسخ العقد , ولا تجب عليه الأجرة , إذا غلب الماء على الأرض المؤجر , حتى تعذر زرعها , أو انقطع الماء عنها واستحال ربها , أو أصبح ذا كلفة باهظة , أو حالت قوة قاهرة دون زراعتها لأن "الغرم بالغنم" , "الضرر يدفع بقدر الإمكان".

<<  <  ج: ص:  >  >>