للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اتفق الفقهاء على جواز أن تكون الأجرة منفعة يقدمها صاحب العمل للعامل مقابل عمله , كمن يصلح سيارة مقابل أن يصلح الآخر مذياعه , أو كمن يعمل عند آخر مقابل تأمين السكن والملابس والمواصلات المعلومة له , وقد تكون المنفعة تامة وقد تكون جزءا من الأجرة.

ولكن اختلف الفقهاء بعد ذلك في شرط اختلاف المنافع.

فأجاز جمهور الفقهاء أن تكون الأجرة منفعة من جنس المعقود عليه أي من جنس المنفعة التي يلتزم بأدائها العامل كإجارة السكنى بالسكنى , والخدمة بالخدمة , والركوب بالركوب , والزراعة بالزراعة وغيرها , كما أجازوا أن تكون الأجرة من غير جنس المنفعة المعقود عليها كإجارة السكنى بالخدمة وغيرها. واستدل الجمهور على ذلك بقوله تعالى في قصة موسى {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج} ففي هذه الآية الكريمة دليل على جواز أن تكون الأجرة منفعة , لأن النكاح جعل عوضا في الإجارة , وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يثبت نسخه.

ويقول الشيرازي ويجوز إجارة المنافع من جنسها ومن غير جنسها , لأن المنافع في الإجارة كالأعيان في البيع. ثم الأعيان يجوز بيع بعضها ببعض فكذلك المنافع.

وخلافا للجمهور منع ذلك الحنفية , واشترطوا ألا تكون الأجرة منفعة من جنس المعقود عليه بل يجب اختلاف المنفعة في الجنس كإجارة السكنى بالخدمة. أما إن اتحد جنس المنفعة كإجارة السكنى بالسكنى , والخدمة بالخدمة , والركوب بالركوب , والزراعة بالزراعة فهذا يكون على حكم الربا عندهم وهو غير جائز. فالحنفية يعتبرون اتحاد الجنس وحده صالحا لتحريم العقد في ربا النسيئة. وتطبيق المبدأ في الإجارة: هو أن انعقاد هذا العقد عندهم ينعقد شيئا فشيئا على حسب حدوث المنفعة , فتكون المنفعة وقت العقد معدومة , فيتأخر قبض أحد العاقدين , فيتحقق ربا النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>