عالج الفقهاء هذه المسألة عند حديثهم عن شرط تسليم كامل رأس مال المضاربة إلى المضارب.
فقد اتفق الفقهاء على اشتراط إطلاق يد المضارب في التصرف في رأس مال المضاربة , وقالوا بأن أي شرط يمنع المضارب من التصرف في رأس المال ينافي مقتضى عقد المضاربة ويجعله عقدا صوريا لا فائدة له , إذ لا يستطيع المضارب العمل وتحقيق الربح الذي هو الهدف والمقصود من التعاقد.
ولكنهم اختلفوا في المراد بإطلاق يد المضارب في التصرف في رأس مال المضاربة:
فهل ذلك لا يتم إلا بتسليم كامل رأس المال للمضارب دون أن يبقى شيء منه في يد رب المال؟
أو أنه لا يشترط تسليم رأس المال ويكفى تمكين المضارب منه ودفعه له تدريجيا حسب الحاجة؟
لقد ذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه لا يكفى إطلاق يد المضارب في التصرف بل يجب أن يستقل المضارب في حيازة رأس المال لأنه مؤتمن عليه , ولأن عدم تسليمه رأس المال يؤدى إلى التضييق عليه والحد من تصرفاته.
أما الحنابلة , فيكفي عندهم إطلاق يد المضارب في التصرف في رأس المال وتمكينه منه حسب الحاجة.
فلا يشترط عندهم تسليم كامل رأس المال للمضارب بل تصح المضاربة ولو شرط رب المال بقاء المال معه أو وضعه عند أمين دون تسليمه للمضارب لأن هذا الشرط لا يمنع المضارب من العمل الذي هو مورد ومقصد العقد , أما رأس المال فهو مجرد وسيلة يمكن دفعه تدريجيا حسب حاجة المضارب.
وعلى هذا الأساس , فإن تقسيط رأس مال الصناديق على دفعات يكون جائزا على رأي الحنابلة الذين لا يشترطوا تسليم جميع رأس المال للمضارب.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن رأس مال الصندوق يتحدد بما يتم تسليمه فعلا , فلا تعتبر جميع المبالغ التي يلتزم المكتتبون بدفعها هي رأس مال المضاربة وإنما يتمثل رأس المال في الأقساط التي وضعت في يد المضارب.
وينتج عن ذلك أن المكتتبين بصفتهم أرباب مال يتحملون المخاطر والخسائر التي يتعرض لها الصندوق في حدود حصتهم المدفوعة من رأس المال فقط وليس بالمقدار المكتتب به.