اتفق الفقهاء على أن المضارب أمين على ما بيده من مال لأن هذا المال في حكم الوديعة عنده , فلا يضمن إلا بالتفريط أو التعدي شأنه في ذلك شأن الوكيل والوديع وسائر الأمناء.
فلا يجوز اشتراط الضمان على المضارب في العقد سواء كان هذا الشرط من رب المال وقبله المضارب أو كان الاشتراط من المضارب على نفسه متبرعا لأن ذلك ينافي مقتضى العقد.
وبذلك لا يجوز أن تشتمل نشرة الاكتتاب في الصناديق الاستثمارية على شرط ضمان جهة الإصدار لرأس المال بصفتها المضارب , كما لا يجوز من باب أولى ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال , فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل.
وعلى هذا الأساس يتبين بأن الشريعة الإسلامية تمنع ضمان المضارب خسارة رأس المال إذا لم يكن مقصرا أو متعديا وذلك لكي لا يخسر المضارب مرتين: الأولى بضياع جهده وعمله وفوات الربح الذي كان يسعى لتحقيقه , والثانية بتحمل خسارة رأس المال.
وذلك يخالف القاعدة الشرعية في المضاربة التي تنص على أن الوضيعة على رب المال , فهو وحده الذي يتحمل خسارة ماله.
أما إذا خالف المضارب حكما من أحكام المضاربة أو قيدا من القيود التي اشترطها رب المال أو أنه وقع منه تقصير في إدارة مال المضاربة ينتج عنه هلاك المال وتحقق الخسارة , فإنه في هذه الحالة يضمن باتفاق الفقهاء
ويجوز في مثل هذه الحالة أن يطلب رب المال ضمانا يضمن به تعدى أو تقصير المضارب , كما يجوز له أن يطلب كفيلا يضمن له ما يضيع من ماله بتعد أو تقصير.
هذا فيما يتعلق باشتراط ضمان رأس المال على المضارب أو تطوعه بذلك في العقد نفسه , أما بعد إتمام العقد وخارجه:
فإن جمهور الفقهاء لا يجيزون كذلك تطوع المضارب بالضمان ولو بعد الشروع في العمل لأن المضارب يكون متهما برغبته في استدراج رب المال وإبقاء رأس المال بيده.
ولكن أجاز بعض فقهاء المالكية أن يتطوع المضارب بضمان رأس المال بعد تمام عقد المضاربة وإن كان الأصل أنه أمانة بيده , وذلك قياسا على جواز تطوع الوديع والمكترى بضمان ما بيده إذا كان هذا التطوع بعد تمام العقد.
وعلى أساس هذا الرأي الأخير لبعض المالكية , فإنه يمكن القول بجواز ضمان المضارب لرأس المال إذا صدر هذا الضمان بعد الشروع في العمل ومستقلا عن عقد المضاربة بحيث لا يبنى دخول المشارك على وجود ذلك الضمان.
وهذا الرأي يعتبر مستندا للجهات المصدرة للصناديق الاستثمارية التي قد ترغب في تجنيب أي خسارة يمكن أن تلحق المشارك نتيجة رغبته في الخروج من الصندوق ولا سيما في حالة كون القيمة السوقية المعلنة للورقة المالية أقل من القيمة المكتتب بها , فيجوز حينئذ ضمان رأس المال المشارك وشراء الأوراق المالية التي في حوزته بالقيمة المكتتب بها وليس بالقيمة السوقية إذا لم يكن ذلك مشروطا مسبقا في العقد.