أن عملية حسم الكمبيالات محظورة شرعا لابتنائها على قاعدة القرض الربوي ولانطوائها على أي وجه من وجوه التأويل على الربا المحرم. وذلك لأمرين:
أحدهما: أننا لو أخذنا عملية خصم الكمبيالات على ظاهرها بحسب الشكل الذي أفرغت فيه لوجدناها من قبيل بيع الدين لغير من عليه الدين حيث يبيع صاحب الكمبيالة (الدائن) دينه المؤجل المسطور فيها لغير المدين بثمن معجل من جنسه , وبيع الدين لغير من عليه الدين إذا اشتمل على الربا فهو محرم بإجماع الفقهاء.
والربا ههنا متحقق , لأن العوضين من النقود , وقد باع الدائن نقدا آجلا بنقد عاجل أقل منه , فانطوى بيعه على ربا الفضل والنساء.
والثاني: أننا لو خذنا عملية الخصم بحسب المقصود والغاية منها لوجدناها أحد أمرين:
أ - إقراض مبلغ وأخذ المقرض حوالة من المقترض بمبلغ أكثر منه يستوفي بعد مدة معينة. وهو ربا صريح لا مجال للتأويل فيه , لأن الحوالة المشروعة يشترط فيها تساوي الدينين: المحال به , والمحال عليه. وهنا تحقق بين مبلغ القرض والمبلغ المستوفي فيما بعد زيادة في مقابل الأجل , وهو من ربا النسيئة.
ب - أو قرض مضمون بالورقة التجارية المظهرة لأمر المصرف تظهيرا تاما , إذ المصرف لم يقصد أن يكون مشتريا للحق الثابت في الورقة , ولا أن يكون محالا به , وإنما قصد الإقراض , فقبل انتقال ملكية الورقة المخصومة إليه على سبيل الضمان , فإذا حل وقت استحقاقها , ولم يدفع أي من الملتزمين قيمتها , فإن المصرف يعود على الخاصم بالقيمة , دون أن يرغب أو يكلف نفسه بملاحقة الملتزمين حتى نهاية المطاف , كما هو الحاصل عمليا.