تجربة البنك الإسلامي للتنمية في مجال مصاريف ونفقات القرض كان من أبرز تطبيقات هذه العملية تجربة البنك الإسلامي للتنمية بجدة لها , وذلك على النحو التالي: -
(القروض التي يقدمها البنك الإسلامي للتنمية للدول الأعضاء لتمويل مشروعات البنية الأساسية هي قروض طويلة الأجل , إذ تتراوح مدة الوفاء بين خمسة عشر وثلاثين عاما. والتزاما بأحكام الشريعة الإسلامية فإن البنك لا يتقاضى فوائد على تلك القروض , غير أنه بناء على ما نصت عليه اتفاقية تأسيسه يتقاضى البنك رسم خدمة لتغطية نفقاته الإدارية.
وقد رأى البنك أن يتم تحديد رسم الخدمة في ضوء التكلفة الإدارية الفعلية التي سوف يتحملها البنك في تقويم المشروعات التي يمولها , وأيضا تكلفة متابعة تنفيذها. ولما كان من الصعوبة بمكان تحديد وضبط التكلفة الإدارية الفعلية التي يتحملها البنك في كل مشروع من المشروعات التي يمولها على حدة , لذا فإن البنك حتى الآن , وإلى أن يصبح من الممكن عمليا تحديد الكلفة الإدارية التي يتحملها في كل مشروع على حدة على وجه الدقة يكتفي بإجراء تقدير تقريبي لتكاليف الخدمة الإدارية , والتي رأى أنها تتراوح بين ٥ , ٢ , ٣ في المائة حسب حالة المشروع وظروفه.
وبناء على ذلك فإن البنك - في حدود النسبة التقريبية المذكورة - يتقاضى مبلغا مقطوعا يلتزم المقترض بالوفاء به لتغطية هذا التكاليف الإدارية.
الحكم الفقهي في المسألة
تم عرضت هذه التجربة على هيئة من علماء الشريعة الإسلامية (من أعضاء مجمع الفقه الإسلامي بجدة وخبرائه) في اجتماع لهم مع إدارة البنك الإسلامي للتنمية في مقره بجدة في الفترة ما بين ١٤ - ١٧ شوال ١٤٠٦هـ الموافق ٢١ - ١٤ من يوليو ١٩٨٦م , وبعد أن تدارس المشاركون الموضوع انتهوا إلى الأمور التالية:
(١) بما أن اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية المصادق عليها من قبل الدول الأعضاء بالبنك نصت في مجال تمويل القروض على أن (يتقاضى البنك رسم خدمة مقابل مصروفاته الإدارية) , وهذا الأمر تم الاتفاق على قبوله من كافة الحاضرين كمبدأ من المبادئ , ونظرا إلى أن تقدير هذه النفقات يتعذر بكامل الدقة حسب ما قدمة البنك واقتنع به كل الحاضرين , لذلك اتفقوا على أنه لا مناص من اللجوء إلى التقدير التقريبي العادل لا يظلم فيه أي من طرفي العملية ; المقترض والبنك.
٢ - إن ما جرى عليه عمل البنك من تقدير رسم الخدمات بين ٢% , ٥% , ٣% عن جميع مدة القرض لاحظ عليه الحاضرون أنه أمر مبالغ فيه , وأنه لا بد من إعادة النظر فيه على أسس جديدة في تقدير معدل النفقات على القروض ونظرا لما لوحظ من وجود تفاوت بين مرحلتين: أولاهما: عند إنجاز القرض , حيث أن هناك نفقات كبيرة تتمثل في الدراسة ومتابعة الإنجاز. وثانيتها: المرحلة اللاحقة التي يقل فيها الجهد , وتكون نفقتها محدودة.
فقد اتفق الحاضرون على أن البنك يتقاضى تكاليف الخدمة عن مدة إنجاز المشروع فقط ويتغاضى عن المدة اللاحقة وعن المصاريف الإدارية المتعلقة بها بعد إنجاز المشروع , خلال فترة الوفاء تنزها عن الشبهات.
٣ - بالنسبة لتقرير هذه النفقات عن مدة الإنجاز التي يتحملها المقترض , والتي لا بد من تقديرها التقريبي حسب الاعتبارات السابقة , واعتمادا على ما قدمه البنك من بيانات حول هذه النقطة , قرر الحاضرون أن نفقات الخدمة تقدر بالمعادلة التالية: -
قسمة الحصة التقديرية للعمليات العادية من المصاريف على الاعتمادات المقررة للعمليات العادية خلال خمس سنوات ماضية , ثم استخراج النسبة المئوية لتضرب هذه النسبة في مبلغ القرض في عدد سنوات إنجاز كل مشروع على حدة.
ويشكل الناتج مبلغا مقطوعا يدفعه المقترض منجما على سنوات الوفاء.
وعند الانتهاء من إنجاز المشروع تقارن المدة المقدرة بالمدة الفعلية للإنجاز , فإن ساوتها فبها ونعمت , وإن كانت أقل , خصم من المقدار الإجمالي للخدمة ما يتناسب مع المدة من الأقساط الباقية. وإن كانت أكثر يضاف إلى الخدمات بحسب تلك النسبة. ويلزم المقترض بالوفاء بها مع الأقساط الباقية.
كما اتفق الحاضرون على أن تقرير هذه النسبة ليس تقديرا جامدا بل يجب إعادة النظر فيها سنويا وذلك بحذف السنة الأولى من السنوات الخمس في التقدير , وإضافة السنة الأخيرة بدلا عنها.
(محضر اجتماع أصحاب الفضيلة علماء الشريعة مع البنك الإسلامي للتنمية حول استفسارات البنك المتعلقة ببعض عملياته من ١٤ - ١٧ شوال ١٤٠٦هـ.