التكييف الفقهي للعقد الذي يبرمه العميل مع المصرف على الانتفاع بصناديق الأمانات هو الوديعة بأجر حيث إن دور هذه الصناديق يتمثل في أمرين:
١ - انتفاع العميل بالخزانة الحديدية في احتواء وثائقه وممتلكاته وصيانتها فيها.
٢ - حفظ المصرف للخزانة وما فيها من الودائع - وهذا هو الغرض الأساسي من ذلك العقد.
ويرى البعض تكييفه ب (الإجارة على الحفظ) وليس بمسلم لأن جوهر فكرته الحفظ والصيانة لا الاستئجار.
وعقد الإيداع بأجر جائز مشروع عند جمهور الفقهاء , والوديعة فيه تكون بيد المودع , فلا تضمن من غير تعديه أو تفريطه كما هو الشأن في الوديعة بدون أجر. وهذا عند الشافعية والمالكية , وكذا الحنابلة إذا كان العقد إجارة على الحفظ.
أما الحنفية , فقد فرقوا في موجبات ضمان الوديعة بين ما إذا كانت بأجر أو بدون أجر , مع اعتبارها في الحالين أمانة بيد الوديع , فقالوا:
إذا تلفت الوديعة بما لا يمكن التحرز عنه من الأسباب - كحريق غالب وغرق غالب ولصوص مكابرين - فلا ضمان على الوديع , سواء أكانت بأجر أم مجانا.
أما إذا هلكت بما يمكن التحرز عنه , فينظر: إن كانت بغير أجر , فلا يجب على المستودع الضمان. أما إذا كانت بأجر , فإنه يكون ضامنا. قال السرخسي: لأن الهلاك بما يمكن التحرز عنه بمعنى العيب في الحفظ , لكن صفة السلامة عن العيب إنما تصير مستحقا في المعاوضة دون التبرع. (المبسوط ١١ / ١٠٩)
وعلى هذا جاء في م (٧٧٧) من مجلة الأحكام العدلية: (الوديعة أمانة في يد الوديع. بناء عليه: إذا هلكت بلا صنع المستودع أو تعديه أو تقصيره في الحفظ , فلا يلزمه الضمان , إلا إذا كان الإيداع بأجرة على حفظ الوديعة , فهلكت أو ضاعت بسبب يمكن التحرز منه , لزم المستودع ضمانها)
ووجه تضمين الوديع بأجر في هذه الصورة عندهم: أن الحفظ مستحق عليه فيها , لأنه مستأجر على الحفظ قصدا , إذ العقد عقد حفظ , والأجر في مقابل الحفظ. ولذلك كان العمل على حفظها من الهلاك مما يمكن التحرز عنه مطلوبا منه ومضمونا عليه بمقابل الأجر المشروط , فحيث لم يقم به كان ضامنا , بخلاف الوديعة بدون أجر , فإن المطلوب فيها مجرد الحفظ , لا العمل عليه , فافترقا.
وعلى ذلك , فإن عقد استئجار صناديق الأمانات مشروع , والأجر فيه سائع عند جماهير الفقهاء , وضمان البنك مما يمكن التحرز منه من المهلكات جائز تخريجا على مذهب الحنفية.