هبة الصبي والمجنون
لا تصح هبة الصبي والمجنون لأنهما لا يملكان التبرع لكونه ضررا محضا وكذا الأب لا يملك هبة مال الصغير من غير شرط العوض بلا خلاف , لأن ولايته قاصرة على وجوه النفع , والهبة تبرع فيه ضرر محض فلا تجوز منه.
فإن شرط الأب العوض لم يجز أيضا عند أبي حنيفة وأبي يوسف لأن الهبة بشرط العوض تبرع ابتداء أي قبل القبض , ثم تصير بيعا انتهاء أي بعد القبض , والأب لا يملك التبرع. وقال محمد تجوز الهبة من الأب بشرط العوض لأن ذلك في معنى البيع والعبرة باتفاق المعنى.
وكذا لا تصح هبة السفيه الذي لا يحسن التصرف في ماله.
هبة المرأة المتزوجة
أما في تبرع المرأة المتزوجة بمالها لغير زوجها فهناك ثلاثة آراء:
الرأي الأول: أن تبرعها جائز دون قيد , كتبرع الرجل دون فرق , وهو اتجاه الإمام البخاري وجمهور الفقهاء استدلالا بحديث أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها التي أعتقت جارية لها دون إذن الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أخبرته , فلم يعترض.
الرأي الثاني: أن تبرع المرأة المتزوجة ممنوع مطلقا , وهذا اتجاه طاوس استدلالا بحديث عمرو بن شعيب وبحديث خيرة زوجة كعب بن مالك اللذين ينصان على عدم جواز عطية المرأة المتزوجة إلا بإذن الزوج.
الرأي الثالث: أن تبرع المرأة المتزوجة يجوز في اليسير الذي يقدره مالك بالثلث فما دونه , وهذا هو اتجاه الإمامين الليث بن سعد ومالك بن أنس جمعا بين الأدلة في الموضوع.
هبة المريض مرض الموت والمفلس
المريض مرض الموت هو الشخص المصاب بمرض خطير تقول عنه الخبرة الطبية , أو تستقر العادة به في المجتمع: أن المصاب به يموت داخل السنة , ثم تحدث الوفاة فعلا.
ومعنى هذا المرض: أن المالك يتصرف في أمواله بالتبرع , وهو يشعر باليأس من الحياة , ولذلك يلحق به بعض الأصحاء الذين يتصرفون في أموالهم بالتبرع وهم يشعرون بهذا اليأس , كالمحكوم عليه بالإعدام المقدم للتنفيذ , والحامل عندما تقترب من الولادة , وما أشبه ذلك.
وهبة هؤلاء من قبيل الوصية , فتنفذ في الثلث.
أما المرض غير المخوف , أو الذي لا تحصل منه الوفاة خلال السنة , أو المرض المخوف الذي يبرأ منه صاحبه , فالهبة فيه صحيحة , وتنفذ من جميع أموال الواهب , لا من الثلث فقط.
كما لا تصح هبة المفلس الذي أحاط الدين بماله أي الذي ساوت ديونه موجوداته أو زادت عليها.
هبة غير المسلم للمسلم والعكس
تجوز هبة المسلم للكافر كتابيا كان أم غير كتابي بشرط ألا يكون حربيا ينتمي لدولة تحارب الدولة , أو الدول الإسلامية , أو تحارب الأقلية المسلمة الموجودة في النطاق الترابي لدولة غير إسلامية ; على أنه تجوز الهبة للحربي إذا دخل إلى دولة إسلامية بعقد أمان (تأشيرة الدخول) ; لأن هذا العقد يخرجه من نطاق أهل الحرب إلى نطاق أهل العهد.
يقول تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} (الممتحنة: ٨) .
وكما تجوز هبة المسلم للكافر تجوز كذلك هبة الكافر للمسلم لأن الهدية تعبير عن الإكرام , إذ ليس من الضروري أن يعبر الإكرام عن المودة الصميمة أو عن الموالاة المنهي عنها في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق} (الممتحنة: ١)
وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية الكفار , فقبل هدية كسرى وهدية قيصر وهدية المقوقس كما أهدى هو الكفار الهدايا والهبات.