للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا بد من معرفة المبيع من أن يكون معلوما بالنسبة للمشتري بالجنس والنوع والمقدار

فالجنس كالقمح مثلا , والنوع كأن يكون من إنتاج بلد معروف , والمقدار بالكيل أو الوزن أو نحوهما , فيصير المبيع معلوما ببيان أحواله وصفاته التي تميزه عن غيره.

مثلا لو باع عشرين مدا من الحنطة الحورانية أو باع أرضا مع بيان حدودها صار المبيع معلوما وصح البيع.

وهذا التمييز إما أن يحصل في العقد نفسه بالإشارة إليه , وهو حاضر في المجلس , فيتعين حينئذ , وليس للبائع أن يعطى المشتري سواه من جنسه إلا برضاه.

والإشارة أبلغ طرق التعريف , كما لو قال البائع للمشترى بعتك: هذا الحيوان وقال المشتري: اشتريته وهو يراه صح البيع.

والعلم بالمبيع يكتفى بالمشاهدة في المعين ولو لم يعلم قدره كما في بيع الجزاف (وهو الذي يعلم قدره على التفصيل) وهذا النوع من البيع كان متعارفا عليه بين الصحابة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

وإما أن لا يعين المبيع في العقد , بأن كان غائبا موصوفا , أو قدرا من صبرة حاضرة في المجلس , وحينئذ لا يتعين إلا بالتسليم. وهذا عند الحنفية والمالكية والحنابلة ومقابل الأظهر عند الشافعية , وفي الأظهر عندهم: أنه لا يصح بيع الغائب.

ومن المبيع غير المتعين بيع حصة على الشيوع , سواء أكانت من عقار أم من منقول , وسواء أكان المشاع قابلا للقسمة أم غير قابل لها , فإن المبيع على الشيوع لا يتعين إلا بالقسمة والتسليم.

ومما يتصل بتعيين المبيع: بيع شيء واحد من عدة أشياء على أن يكون للمشترى خيار التعيين , أي تعيين ما يشتريه منها , ويمكنه بذلك أن يختار ما هو أنسب له منها , وهذا عند من يقول بخيار التعيين.

وذهب الحنفية إلى أن بيع واحد من اثنين أو ثلاثة صحيح استحسانا , لمساس الحاجة إليه وجريان العرف به , دون أن يؤدي إلى منازعة.

وإذا اقترن عقد البيع بخيار التعيين هذا لم يكن صحيحا إلا بتوافر الشروط التالية:

أ - أن يكون المبيع واحدا من ثلاثة أو اثنين كأن يشترى شخص ثوبا من هذه الأثواب الثلاثة على أن يكون له اختيار أحدها , فإذا اشترى ثوبا من أربعة على أن يكون له اختيار أحدها كان العقد فاسدا للجهالة.

ب - أن تتفاوت هذه الأعيان الثلاثة التي سيكون منها الاختيار في أوصافها , وأن يبين ثمن كل عين منها , حتى يكون للتخيير بينها فائدة.

ج - أن يوقت هذا الخيار بمدة معلومة , وألا تتجاوز هذه المدة ثلاثة أيام عند أبي حنيفة خلافا لصاحبيه , وذلك لشبهه بخيار الشرط عندهم.

وذهب بعض العلماء إلى عدم اشتراط توقيته.

د - أن يشترط معه خيار الشرط , مثال ذلك أن يقول البائع مثلا: بعتك أحد هذين الثوبين على أن تختار أيهما شئت وعلى أنك بالخيار ثلاثة أيام , وثمن هذا الثوب كذا وثمن الثوب الآخر كذا , فإذا قبل المشتري كان له أن يختار أحد الثوبين بمقتضى خيار التعيين , وإذا اختاره قبل مضى ثلاثة أيام من وقت العقد كان له فيه خيار الشرط إلى انتهاء الأيام الثلاثة , فإن شاء أمضى البيع فيها , وإن شاء فسخ فرد الثوبين وإن شاء فسخ فرد الثوبين جميعا.

وذلك مقتضى خيار الشرط , فإن مضى على العقد ثلاثة أيام له ردها جميعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>