للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرأي القائل بأن المعقود عليه هو العمل

يرى أبو سعيد البردعي أن المعقود عليه في عقد الاستصناع هو العمل لأن الاستصناع استفعال من صنع أي طلب الصنع , وهو العمل , فتسمية العقد به دليل على أن المعقود عليه هو العمل , والأديم فيه والصرم بمنزلة الصبغ , أي بمنزلة الآلة للعمل , ولهذا يبطل عقد الاستصناع بموت أحد المتعاقدين , كما تبطل الإجارة بذلك (عند المذهب الحنفي) .

الرأي القائل بأن المعقود عليه هو العين

يرى جمهور العلماء أن المعقود عليه هو العين وليس العمل , وذكر الصنعة لبيان الوصف وهذا هو الأصح في المذهب الحنفي , وقد قالوا في توجيه هذا الرأي: إن المعقود عليه هو العين (أي المستصنع فيه) لأن الصانع لو جاء بالمستصنع فيه مفروغا عنه , ولا من صنعته (بأن كان من صنع غيره) أو من صنعته قبل العقد , فأخذه المستصنع كان جائزا أي أنه لا يشترط أن يقوم الصانع بعمله في العين بعد العقد , حتى لو جاء به مفروغا , لا من صنعته , أو صنعته قبل العقد , فأخذه المستصنع جاز.

وكذا لو عمل بعد العقد , وباعه الصانع قبل أن يراه المستصنع جاز , ولو كان المعقود عليه العمل لما جاز , وكذا إذا جاء به مفروغا فللمستصنع الخيار لأنه اشترى ما لم يره سماه شراء , وأثبت فيه خيار الرؤية , وهو لا يثبت إلا في العين.

ثم ردوا على ما قاله أبو سعيد البردعي من قوله: (إنه يبطل بموت أحدهما) فقالوا: إنما بطل بموت أحدهما , لأن للاستصناع شبها بالإجارة من حيث إن فيه طلب الصنع , فلشبهه بالإجارة قلنا يبطل بموت أحدهما , ولشبهه بالبيع , وهو المقصود بالعقد أجرينا فيه ما ذكرنا من أحكام البيع.

الرأي القائل بأن المعقود عليه هو العمل والعين معا

ذهب الفقهاء المعاصرون إلى اعتبار أن المعقود عليه في عقد الاستصناع هو العمل والعين معا وقد جاء في قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره السابع بجدة (١٤١٢هـ الموافق ١٩٩٢م) : إن عقد الاستصناع هو عقد وارد على العمل والعين في الذمة , ملزم للطرفين , إذا توافرت فيه الأركان والشروط.

فالاستصناع عقد مستقل خاص محله العين والعمل معا , وبذلك يمتاز عن البيع الذي محله العين , وعن الإجارة التي محلها العمل , وعن السلم الذي محله العين الموصوفة في الذمة.

تغير صيغة العقد بحسب أحوال اجتماع العين والعمل

ليس كل اجتماع للعين والعمل يجعل العقد استصناعا بل لاجتماعهما أحوال:

الأول: أن يكون العمل بقدر تافه والعبرة كلها للعين

فالعقد على ذلك بيع وليس إجارة ولا استصناعا كمن يبيع غسالة كهربائية ويركبها في منزل المشترى لتصبح جاهزة للعمل , فهذا التركيب صنعة لأنه عمل يحتاج إلى مهارة وخبرة , ومع ذلك فالعقد عقد بيع وليس استصناعا.

الثاني: أن تكون العين بقدر تافه والعبرة كلها للعمل

فالعقد على ذلك إجارة , وليس بيعا وليس استصناعا. كالخياط إذا أتيته بالقماش من عندك ليخيط ثوبا فهو يأتي بالخيوط والأزرار من عنده , فلا يجعل ذلك العقد استصناعا , لأن قيمة الخيوط والأزرار تافهة بالنسبة إلى العمل.

الثالث: أن تكون العين والعمل كل منهما بنسبة ذات بال

في هذه الحالة يكون لكل من العمل والعين قيمة معتبرة. وذلك هو الاستصناع.

<<  <  ج: ص:  >  >>